المفرق – عمر أبو الهيجاء
أقام "بيت الشعر" المفرق يوم الأول من أمس، أمسيته الثالثة عشرة للعام ٢٠٢٥، وشارك بها كل من الشاعرين: عادل محمد الخطيب، وخديجة شحادة أبو ريدة، وأدأر مفرداتها الشاعر د. ماجد العبلي، بحضور مدير بيت الشعر الأستاذ فيصل السرحان وحشد من رواد بيت الشعر، وقامت بتغطيتها فضائية الشارقة.
د. ماجد العبلي بداية أشاد بالمبادرات الثقافية العروبية لصاحب السمو عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، والثناء على الجهود المخلصة لبيت الشعر المفرق في إثراء المشهد الشعري والنقدي الأردني، ورحب ترحيبا جميلا بالحضور.
ثم قدم تعريفا موجزا بالشاعرين المشاركين، ثم بدأت القراءات الشعرية التي استهلتها الشاعرة خديجة أبو ريدة التي تغنت بالشعر وباللغة العربية وبقيمة الوفاء الإنساني والشكوى من الزمان، كما امتدحت بيت الشعر بقصيدة قالت فيها:
"ببيت الشعر تزدحم القوافي
فيصدق في دلالتها اعترافي
ويقصده الأديب بكل شوق
فيلهمه لينطق باحتراف
له في عالم الإبداع شأن
عظيم القدر يسعى لائتلاف
علت في المفرق البلد المفدى
مكانته الجديرة بالهتاف
يجود الشعر والشعراء فيه
ويؤثره الجميع بلا اختلاف
له في ذمة الشعراء دين
تجذر في الأصول وفي الزحاف
فبيت الشعر وافره جميل
وسيرته تدون في الصحاف
دعيت إليه أحمل فيض شعري
كموج يستريح على الضفاف
هو البيت الذي بالشعر يزهو
ويعرف بالسمو وبالعفاف
علا حتى تألق في فضاء
يوثقه اليراع على الغلاف".
القراءة الثانية كانت للشاعر عادل محمد الخطيب الذي تغنى بعمان عاصمة الأردن العزيز، ومجد بطولات غزة في الصمود بوجه العدوان الهمجي غير المسبوق، وأبحر في دراما اليأس والأمل والحزن والحنين ووجع الروح الإنسانية جراء ما يجري من مآسي في الحياة، مغلبا الأمل على اليأس. ومما قرأ قصيدة بعنوان: ذكريات في العدم، يقول فيها:
"من أيِّ دَرْبٍ
أبْتَدِي لَيْلَ المَسِيرِ؟
لأسيرَ فِي عُمْقِ الظَّلَامْ.
فأهتَدي بِخيوطِ ضُوءٍ
يَجتَلي عَني غِيابَ النورْ.
فِي صَحَارَى القَلْبِ أَرْكُضُ
وَحْدَتِي عَطْشَى،
وَرُوحِي بَئْرُ صَمْتٍ
فِي انتِظَارِ المَسْتَحِيلْ.
يَا وُجُوهًا فِي دُّرُوبِيْ
شَاحِبَاتٍ مِثْلَ حُلْمٍ عَابِرٍ
وَمُلَامِحٍ تَاهَتْ،
وَمَا زَالَتْ تُؤَرِّقُنِي
كَأَشْبَاحٍ تَسِيرُ بِلَا دَلِيلْ.
أَمْضِي،
وَأُشْعِلُ مَا تَبَقَّى مِنْ يَقِينِي
بِالضِّياءِ وَبِالْخَلَاصِ
كَأَنَّنِي شَجَرٌ يَحْنُّ لِظِلِّ غَيْمٍ
يَنشُرُ الظِلَ الظَليلْ.
هَا نَحْنُ نَمْضِي فِي السَّرَابْ
صَارَتْ خُطَانَا
خَلْفَ ظَهْرِ الشَّمْسِ،
وَالْمَاضِي رَمَادٌ فِي اليدَيْنِ
فَنَحْنُ مَا زَلْنَا نُحَارِبُ
عَلَّنَا نَصحوا عَلَى صُبحٍ جميلْ.
يَا لَيْتَ وُجْهِي لَا يُصْدِّقُ
كُلَّ أَحْلَامِ النَّجَاةِ،
فَأَنَا أُكَذِّبُ فِي المَرَايَا مَوْتَنَا
لِأَنَّنِي صَدَّقْتُ وَعْدًا
بِمَجِيءِ النُّورِ، لَكِنْ
لَا يَعُودُ وَلَا يُبَالِي بِالوصُولْ.
أَيَّامُنَا تَمْضِي،
وَفِي الأعْمَاقِ أُغْنِيَةٌ تَذُوبُ،
تَرْنُو إِلَى شَمْسٍ
تَنَامُ عَلَى هَدِيرٍ
مِنْ عَذَابَاتِ الفُصُولْ.
وَأَظَلُّ أجمَعُ
مَا تَبَقَّى مِنْ يَقِينِ الرُّوحِ
أجمَعهُ بِصَوْتِي
لِأُعْلِنَ فِي الظَّلَامِ
عَنِ الصُّمُودِ
وَبِأَنَّنِي،
رَغْمَ الفَنَاءِ أَعُودُ مُنتَشياً
بِأنسَامِ القُبُولْ.
أَطْلَالُ أَحْلَامٍ
تُنَادِي فِي الدَّمَارِ،
تَقْتَاتُ مِنْ جُوعِ الأَسَى،
مَا بَيْنَ صَبْرٍ وْ احْتِضَارْ.
نَحْنُ الَّذِينَ
تَساقَطَتْ أَحْلَامُنَا
حَتَّى نَسِينَا أَنَّنَا
فِي هَذِهِ الدُنيا طُلول
فِي أَيِّ قَبْرٍ،
يَا رِفَاقَ الحُزْنِ،
نَكْتُبُ لِلْحِكَايَا
أَنَّنَا جِئْنَا الحَيَاةَ بِلَا نَجَاةٍ
أوْ فُصُولٍ لِلرَّبِيعِ،
بِلَا طُقُوسٍ أَوْ سَبيلْ".