ليلة الظلام الدامس



ناصر الشيخ أحمد

شاعر وقاص واديب سعودي

الساعة تشير إلى الثامنة مساءً. يفتح التلفاز… لا إشارة. يُمسك بهاتفه ليتأكد من الشبكة… لا توجد. يخرج إلى الشرفة ليجد المدينة كلها غارقة في صمت أسود، لا ضوء، لا حركة، لا أصوات. وكأن الحياة نفسها سُحبت من الأرض فجأة. عربات المترو متوقفة، السيارات عالقة، إشارات المرور معطلة. لا اصوات للطائرات المحلقة في السماء ، لا  صوت للريح . صمت مخيف ومرعب ، تحتبس معه الأنفاس وكأنه مشهد من مشاهد يوم القيامة ، القيامة التي سمع عنها في المرويات أو قرأ عنها في الكتب المقدسة ، ماذا حدث ؟ الأمر لا يبدو كعُطل عابر… ربما تكون هناك قوة خارجية تتحكم في الامور أو ربما تكون مخلوقات من كوكب أخر هي التي تتحكم في الامر كله ، وربما تكون دولة تمتلك كل تلك التقنية لجعل العالم يغرق في ظلام الدامس وتتوقف فيه الحركة وكل وسائل الاتصالات والمواصلات والتقنيات ، ساعات من الظلام الدامس ولا ثمة شئ في اليدين يملكه ينقذ الوضع أو وسيلة يتواصل بها مع أحد لمعرفة حقيقة ما يجري. هل اقتربت النهاية ، نهاية هذا العالم ؟ هناك حقاً شيئاً لا يدركه ولكنه شئ قد وقع وأحدث كل هذا الخوف وقلة الحيلة والعجز عن فعل أي شيئ . ربما يكون هذا انذار من قوة غيبية أو انذار من قوة بشرية شيطانية تريد أن تحكم الارض ومن عليها. 


تمرّ الساعات ببطء قاتل، وكأن الزمن نفسه توقّف أو اختنق تحت وطأة هذا السكون الأبدي. وبينما كان يحدق في السواد الذي ابتلع المدينة، لمحَت عيناه شيئًا غريبًا في الأفق… نقطة ضوء صغيرة تومض ثم تختفي، كأنها عين تراقب.


وفجأة، ظهر على شاشة التلفاز السوداء وجه… ليس بوجه إنسان، ولا كائن معروف. وجه بلا ملامح، بلا صوت، لكن عينيه تنفذ إلى أعماقك. ثم كُتبت على الشاشة كلمات بلغة لا يعرفها… لكنها بطريقة ما، تُفهم.


“لقد أُعيد التشغيل.”



إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology