المطر وحيٌ لا يُقرأ

  


للكاتبة/ د. بدرية مانع

ينهمر المطر،  تبتلّ الأرض ، و يبتلّ القلب. 

قطرات تسقط من السماء مخترقة أعماقنا...تغسلنا..وتطهرنا.

 ومن باطن الأرض، تُخلَق رائحة لا تُشبه أي عطر آخر، رائحة أبواب الذاكرة التي تستدعي أرواحًا قديمة، ما فتأت تسكننا ولاترحل، رائحة الوجود تنساب في أرجائنا لتوقظ شريط الزمن الآزف.


رائحة الأزمنة والأمكنة كلّها وقد اختلطت مع أنفاس الأرض، ملتحفة بدفء طفولة باهتة.


المطر وحيٌ ....أمل الحصاد وخوف الجفاف... حديث الجدّات... صرير النوافذ القديمة...نسيم الهواء المبلّل باليقين.


المطر وحيٌ...يوقظ في داخلك حياة من النبض الكوني العتيق، حيث جوف الأرض يشرب من كفّ السماء.


المطر وحيٌ...كلما اختلطت رائحة المطر بأنفاسك، تتجدد اللحظة الأولى التي وُجدت فيها على الأرض...


نقطة الأصل وبدء الخليقة وكل بداية صامتة تنتظر التحوّل إلى حياة. 

حيث تدرك فجأة قيمة العهد المتجدد بين الأرض والإنسان، بين الجذر والروح.


عهود تبث في طياتها تناقضات تشبهنا:  بداية ونهاية، نقاء ووجع، حضور وغياب. 


المطر وحيٌ...و إنك فانٍ...


فناءً يبشر بولادة أخرى، فسقوطه الحتمي يشبه النجاة.






إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology