مُعَلَّقَةُ جَسَّاسِ

 



الشاعر بلعربي خالد _هديل الهضاب 


العبور


قِفا نَبْكِ مِنْ زَمَنٍ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ،

وَاسْتَبْدَلَ الرَّمْلَ الزُّلالَ بِمَاءِ نِيونِ.

وَلَيلٍ كَأَنَّ النَّجْمَ فِيهِ شُظَايَةٌ،

تُضِيءُ عَلَى شَاشَاتِ قَوْمٍ حَزِينِ.

بَكَيْتُ عَلَى أَمْسِي وَمَا كُنتُ أَعْلَمُ،

أَنَّ الغُبَارَ أَصْدَقُ مِنْ يَاسَمِينِ.

كَأَنِّي بَنُو البَسُّوسِ فِي زَمَنِ الآلَاتِ،

أَجُوبُ مَدَائِنَ الْغُبَارِ وَالطِّينِ.


 صرخة البطل


أَنَا جَسَّاسُ، لا تَسْتَغْرِبُوا مِنْ رُجُوعِي،

فَإِنِّي عَبَرْتُ النَّجْمَ مِنْ بَابِ حِينِ.

نَسِيتُمُ السَّيْفَ الَّذِي كَانَ يَعْرِفُنِي؟

وَأَصْبَحْتُمُ تَخْشَوْنَ مِنْ بَطْءِ حِينِ؟

أَرَى الرِّجَالَ بِلا وَقَارٍ، كَأَنَّهُمْ،

صِبْيَانُ دَهْرٍ فِي زِيِّ نَاسٍ مُهِينِ.

يُقَاتِلُهُمْ وَهْمٌ عَلَى شَاشَةٍ،

وَيَمْنَحُهُمُ نَصْرًا بِضَغْطِ يَمِينِ!


  الزمن


وَيَا زَمَنَ المَعْنَى، أَيْنَ مَضَيْتَ؟

أَصِرْتَ رَقْمًا فِي فَاتُورَةِ الدِّينِ؟

كَانَتْ نُفُوسُنَا تَبِيعُ الحَيَاةَ كَرَامَةً،

وَالآنَ تُشْتَرَى بِالدَّيْنِ وَالضَّمِينِ!

فَيَا نَاقَتِي، لَوْ شِئْتِ عُدْنَا لِصَحْرَةٍ،

يُحِبُّ فِيهَا المَرْءُ صَمْتَ الطُّحِينِ.

فَهُنَالِكَ يَسْكُنُ شَبَحُ كُلَيْبٍ،

يُنَادِينِي: “ثَارُكَ بَقِيَ فِي الحَنِينِ!”


  الحكمة


فَنَادَيْتُ رُوحِي: مَا المَضَى؟ وَمَا الأَتِي؟

أَهُمَا سَرَابَانِ فِي طَرِيقِ الحَقِيقَةِ العَمِيقِ؟

فَقَالَتْ: "يَا جَسَّاسُ، لَا زَمَنَ يَبْقَى،

إِنَّمَا الأَزْمِنَةُ وَجْهَانِ لِوَجْدٍ رَقِيقِ."

فَأَغْمَضْتُ عَيْنَيَّ… وَسَكَنَ فِيَّ الْعَالَمُ،

لَا مَاضٍ، لَا حَاضِرٍ، بَلْ وُجُودٌ طَرِيقِ.

وَوَضَعْتُ رُمْحِي، وَقُلْتُ لِلدَّهْرِ: خُذْ زَمَنَكَ،

فَإِنِّي عُدْتُ، وَلَكِنْ… لِلصِّدْقِ، لَا لِلدَّنِيَّةِ.


ديوان: عزيف الصمت

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology