يعيش الشباب اليوم في زمن تتداخل فيه الحياة اليومية مع عالم رقمي سريع الإيقاع. فبينما يتحرك الشاب في واقعه الاجتماعي والدراسي والعملي، يجد نفسه في الوقت نفسه حاضرًا في فضاء إلكتروني واسع يجذبه بالصور والمحتوى والتفاعل المستمر.
هذا العالم الافتراضي قدّم فرصًا مهمة؛ فهو مساحة للتعلم والتواصل واكتساب المهارات، ونافذة يعبّر من خلالها الشاب عن آرائه بشكل قد لا يجده في محيطه المباشر. لكن هذا الحضور المتزايد في الفضاء الرقمي يرافقه جانب آخر لا يمكن تجاهله، مثل ضعف العلاقات المباشرة، وزيادة المقارنة مع الآخرين، وضياع الوقت في متابعة ما لا يفيد.
ومع تكرار هذا التداخل، تصبح الحدود بين العالمين أقل وضوحًا. فقد يرى بعض الشباب في شبكات التواصل امتدادًا لحياتهم، بينما يتراجع نشاطهم الواقعي، سواء في العلاقات الاجتماعية أو في الاهتمامات اليومية التي تحتاج حضورًا فعليًا وجهدًا حقيقيًا.
التحدي اليوم ليس في ترك العالم الافتراضي ولا الانغماس فيه بالكامل، بل في إيجاد توازن يحافظ على حضور الشاب في واقعه دون أن يفقد فوائد التكنولوجيا. فحين يدير الشاب وقته ويدرك تأثير ما يراه ويتابعه، يصبح قادرًا على استخدام العالم الرقمي بطريقة تخدم حياته، لا أن تسيطر عليها.
و يتوقف الأمر على وعي الفرد وقدرته على التمييز بين ما يفيده وما يستهلكه. فالمستقبل سيكون لمن يعرف كيف يتحرك بين العالمين دون أن يضيع في أي منهما.
