ا
بقلم محمد فتحى السباعى
اللغة العربية قيثارة الروح، تعزف على أوتار القلب موسيقى الجمال والنقاء، تراتيل السماء حين يرقص الحرف على إيقاع النور.
18 ديسمبر: يوم حبّ اللغة العربية
في الثامن عشر من ديسمبر، يومٌ يضيء العالم بألوان الضاد، نحتفل باللغة العربية، روح الحضارة ونافذة الروح، لغة القرآن والشعر والبيان. يومٌ تتعانق فيه الحروف مع النور، وتهمس الكلمات بما لا يُقال إلا بصوت القلب.
العربية ليست مجرد لغة، بل وطنٌ للخيال وسماءٌ للأحلام. ينبض التاريخ في كل حرفٍ منها، وتسكن السلامة بين كلماتها؛ تصون المعنى، وتحفظ الذاكرة، وتبني جسور الأمل بين الأجيال.
فيها موسيقى خفية تهزّ الروح قبل الأذن، وفيها صلابة تجعل الكلمة تتحدى الزمن وتنتصر على النسيان. العربية لغة الحضارات، لغة السلام، لغة الشعر الذي يعزف على أوتار القلوب، ويكتب للإنسانية أبديةً لا تموت.
وفي هذا اليوم، ندعو العالم كله أن يقرأ الضاد كما يُقرأ قلب أمة، أن يحميها كما تُحمى الروح، وأن يُنصت إليها بوصفها شهادة وجود، لا مجرد وسيلة تعبير.
تتجلّى العربية في محرابها، تتوضأ من نيل البلاغة، وتصلّي في محراب الأصالة، وتتبتّل للحق، وترسل نورها رسالةً إلى العالم: أن الكلمة إذا صدقت، صارت وطنًا، وإذا صفَتْ صارت خلاصًا، وإذا انتمتْ صارت هوية.
العربية لا تُشيخ، لأنها تُولد من جديد في أفواه العاشقين، وفي دفاتر الشعراء، وعلى شفاه الأمهات حين يعلّمن أبناءهن أول الحروف.
هي لغة إذا ضاقت الدنيا اتّسعت، وإذا خذل الواقع احتمى بها الحلم. نكتبها فننجو، ونقرؤها فنستعيد ذواتنا، ونعلّمها لأبنائنا كي لا ينقطع الخيط بين الأمس والغد.
فحفظ العربية ليس ترفًا ثقافيًا، بل فعل بقاء، ووعيٌ بالذات، ومقاومة للنسيان. وفي يومها، نعلنها عهدًا: سنحملها كما تحمل الروح الجسد، ونورّثها نقية، حرّة، نابضة بالحياة.
