قيم السلوك الراسخة في العقل البشري ..



الباحثة الاعلامية قمر صابوني \ بيروت


 في دلالة ظواهر الحياة والسلوك توجد هناك  تفسيرات تخص قيم السلوك الراسخة في العقل البشري

هناك عوامل عدة تساهم في تشكيل القيم وأهمها الإطار الحضاري والأسري ووسائل الإعلام .

للإطار الحضاري دور هام في اكتساب  القيم : تعتبر القيم والرموز والأشكال السلوكية من جوانب الحضارة إذ تكتسب  في إطار ثقافة المجتمع ، ولا يمكن أن تقوم إلا من خلال  البناء الاجتماعي ، فالثقافة هي رموز و أنماط تضبط سلوكيات الأفراد ، لأن الطفل يولد وهو خالي من الأيديولوجية التي   تعينه على التعامل مع المواقف ، والأشياء، و الأشخاص، والأهداف التي تنتظم عليها محاور حياته إذ يولد صفحة بيضاء ،وتولي مؤسسات التنشئة الاجتماعية مسؤولية تعليم الأفراد وتوجيههم في ضوء ما تمليه ثقافة المجتمع وتختلف القيم المكتسبة  باختلاف الطبقات الاجتماعية وتخضع عملية اكتساب نسق القيم إلى عدة العوامل منها

" العوامل البيئية والاجتماعية: يمكن تحديد أوجه التشابه والاختلاف بين الأفراد في اكتساب نسق القيم  على ضوء المؤثرات البيئية والاجتماعية ويرى العلماء  أن القيم ما هي إلا نتاج ثلاث مستويات اجتماعية :

    المستوى الأول: وهو المستوى الذي تحدد فيه الثقافة المفاهيم الجديرة بالرغبة فيها، وهو مرتبط بدور الإطار الحضري في اكتساب القيم .

  المستوى الثاني: حيث تتوجه الأسرة نحو قيم وغايات معينة .

  المستوى الثالث: ويتمثل في الجوانب الاجتماعية الفرعية كالمستوى الاجتماعي والاقتصادي  والدين والجنس والمهنة  والتعليم .

ـ"العوامل النفسية: والمرتبطة بسمات الشخصية والتي تلعب دورا مهما في تحديد التوجهات القيمية للأفراد ، فهناك علاقة بين القيم  وسمات الشخصية ، حيث أن هناك تأثير لكل من القيم  الدينية  والقيم المعرفية  في سمة التعاون مع الغير ، وأن هناك تأثير للقيم السياسية  والجمالية  والاجتماعية  على سمة تأكيد  الذات .

 العوامل البيولوجية: وتشمل الملامح أو الصفات الجسمانية كالوزن، والطول والتغيرات في هذه الملامح ويصاحبها تغيرات في نسق القيم .

 ولاننسى دور الأسرة في اكتساب القيم : تعتبر الأسرة وسيلة اتصال  بين الأجيال المتتالية  عن طريق تنشئة الأطفال على القيم والمبادئ  والمعايير الاجتماعية ، فهي تقوم  بنقل التراث بين الأجيال من أجل تكوين شخصية سوية اجتماعيا وروحيا وعقليا وحتى جسميا كما يُرى  أن اكتساب القيم يحدث عبر عمليات  متسلسلة على نحو هرمي  ذات خمس مستويات وهي :

  مستوى الاستقبال : وهي مرحلة وعي المتعلم  وحساسيته  بالمثيرات المحيطة به ، ورغبته في استقبالها وضبط وتوجيهه  نحو مثيرات معينة .

  مستوى التقييم : يعطي المتعلم تقديرا وقيمة للأشياء  والأفكار ، ويسلك سلوكا متسقا  وثابتا إزاء الموضوعات بشكل يجعل لديها قيمة معينة .

  مستوى الاستجابة : وهي مرحلة الاندماج في الظاهرة أو النشاط مع الشعور بالارتياح في ذلك.

 مستوى التنظيم : هي مرحلة تنظيم القيم ، يقف فيه المتعلم على العلاقات المتبادلة بين مختلف هذه الأخيرة ويعيد تنظيمها في منظومة  حيث تبنى وفق ترتيب وسيادة كل منها على القيم الأخرى .

مستوى الوسم بالقيمة : يستجيب المتعلم استجابة منسقة للمواقف المشحونة بالقيم ، وفقا للقيم التي يتبناها ويؤمن بها ويتم إصدار السلوك دون الإشارة للأفعال، ويوسم بقيمة تدل على نمط سلوكه وحياته .ويمكننا التأكيد على دور الأسرة كوسيط هام وأساسي بين الثقافة والفرد من خلاله يتحقق غرس القيم أوتغييرها ،وأوضحت بعض الدراسات أن هناك درجة من التجانس بين قيم الوالدين وقيم الأبناء بالرغم من وجود اختلاف بين الجيلين .

 ـ  ولوسائل الإعلام دورا هاما أيضا : وتكمن أهميتها ودورها من حيث قيمتها الحضارية حيث تقوم بنشر أفكار ومعتقدات وتطوير أنماط السلوك الاجتماعي بما يتلاءم مع الظروف الجديدة ، فهي  تقوم بدور أساسي في الحث على القيم الجديدة ، وتدعم القيم  التي تخدم التطور وتلغي القيم التي تعوقه "ولا يمكن أن نغفل عن الدور الذي تقوم به في بث القيم العامة للمجتمع والتي تهدف إلى ترسيخها وتعميقها أو في تضعيفها لدى الأفراد .

 قادة الرأي : يمثل قادة الرأي ذوي التأثير الكبير على أفكار وأراء  ومواقف  وسلوكيات الأشخاص ، كما لها دورا هاما في تشكيل الرأي العام ، وتوجيهه ونشر القيم المرغوبة فيها ويكون ذلك بصورة متكررة  ولأسباب شخصية غير رسمية ليست لها علاقة بالمناصب  والأوضاع الرسمية حيث أن قادة الرأي يؤثرون في سلوك الأشخاص ويلعبون دورا رئيسيا في إلغاء القيم التي تعوق المجتمع ، ويساهمون في ترسيخ القيم النبيلة من خلال ما يقدمونه من أفكار وأراء ومعلومات ".

فمن خلال عملية القدوة يبثون قيمهم ، وأفكارهم ومعتقداتهم، وبذلك تكون عملية تمريرها إلى الأشخاص الآخرين.


Post a Comment

أحدث أقدم