بعد انتهاء قضية طفل الرصيفة واتخاذ الإجراءات القانونية، بغضّ النظر عن الجاني والمجني عليه، يبقى السؤال الأهم: كيف نمنع تكرار مثل هذه المآسي؟ كيف نُصلح مجتمعنا لنحمي أطفالنا من أن يكونوا ضحايا أو حتى جُناة؟
البيت هو المدرسة الأولى
كل شيء يبدأ من البيت! الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء شخصية الطفل، وأي خلل في التربية ينعكس على سلوكياته خارج المنزل. إذا كان الطفل يتعلم أن "من ضربك فاضربه"، وأن القوة والعنف هما الحل، فلا عجب أن نصل إلى هذه الكوارث. يجب أن نعلّم أبناءنا لغة الحوار، وأن نغرس فيهم قيم التسامح وضبط النفس بدلًا من سياسة الانتقام والأخذ باليد.
ماذا يشاهد أطفالنا؟
الهواتف المحمولة أصبحت رفيقًا دائمًا للأطفال، لكن هل نحن نراقب ما يتابعونه؟ المحتوى المنتشر اليوم مليء بالمقالب الخطرة، والتحديات العنيفة، والممارسات التي تُبث بهدف الضحك أو جلب المشاهدات. الأطفال بطبيعتهم مقلّدون، ولا يدركون حجم الخطورة فيما يشاهدونه. إن لم نكن حاضرين في حياتهم، فسيتلقون دروسهم من الإنترنت، وليس منا!
غيابنا لا يعني أننا موجودون
قد نكون في المنزل، لكن هل نحن فعلًا في حياة أبنائنا؟ هل يعرفون أننا نهتم بأدق تفاصيلهم؟ أم أن غياب الرقابة والاهتمام يجعلهم يتصرفون خارج المنزل دون أن يحسبوا لنا أي حساب؟ نحن بحاجة إلى أن نكون جزءًا من عقولهم وقلوبهم، لا مجرد أشخاص يعيشون معهم تحت سقف واحد.
أين الدين والتربية الإسلامية؟
مفهوم الحلال والحرام، والخوف من الله، والإحساس بالرقابة الإلهية، كلها قيم تُهذّب السلوكيات وتضبط الأفعال. عندما يفقد الطفل هذه المعايير، يصبح كل شيء متاحًا بالنسبة له، فيتصرف وفق أهوائه دون وازع أخلاقي أو ديني. مسؤوليتنا أن نغرس فيهم هذه القيم، لا بالكلام فقط، بل بأن نكون قدوة لهم.
كيف نمنع تكرار المأساة؟
كن صديقًا لطفلك، حاوره، اسأله عن يومه، عن أصدقائه، عن أفكاره.
راقب ما يشاهده على الهاتف، وليس فقط عبر التطبيقات، بل ناقشه فيه وافهم تأثيره عليه.
علّمه أن القوة الحقيقية ليست في العنف، بل في الحكمة وضبط النفس.
ذكّره دائمًا برقابة الله، وأن كل فعل محسوب ومسؤول عنه.
هذه الحادثة ليست مجرد قصة نطويها، بل درس يجب أن نتعلم منه قبل أن نجد أنفسنا أمام مأساة جديدة، وربما يكون الضحية القادمة أقرب إلينا مما نتصور.
إرسال تعليق