"حين يسكنني قبلي"



الكاتبة سماء زعانين


أُحاول أن أكتبه...

أن أضبط ملامحه بالحروف، وأُمسك خيط حضوره، أن أترجمه إلى جملة مفهومة...

لكن شيئًا فيّ يهرب، وشيئًا فيه يرفض أن يُختزل.

كلما اقتربت، ابتعد قلمي، وكأن اللغة لا تجرؤ على ملامسة هذا الوجد.

أفصله عن ذاتي، فينفصل عني جزءٌ من روحي.

أتخيّله قزمًا صغيرًا يحتلّ عقلي، يتربّع في أفكاري دون استئذان،

فأُمسك به من ياقته، وأركله خارج حدودي.

للحظاتٍ.. 

أزور راحةً قصيرة، سكونًا هشًا... أتنفّس.

لكن قلبي يعيده، تضمه نفسي،

وتعانقه روحي...

فأنتشي. 


حبّه عاصفة لا خيار فيها،

ريح تهبّ من الغيب، لا تُرى، ولا تُسأل عن السبب.

تسكنني كما يسكن السرّ في حروفي،

وتوقظ فيّ ذاكرة النور الأولى، تلك التي سبقت الولادة،

حين كان الحبّ إشراقًا، لا حاجة،

واكتمالًا، لا انتظارًا. 


هو الوجد حين يشتعل في سواد الليل،

الرجفة التي تسحبني من ظاهر العالم إلى باطنه،

يجعلني أخلع نعليّ عند عتبة قلبه، وقلبي،

وأدخل محرابه عارية من اسمي، من إرادتي، من زمني. 


لا خيار لي فيه...

لأنه جاء قبلي،

سكنني قبل أن أعرفني،

وأنا — مذ وُجدت — لست إلا ظلًّا ينتظره. 


يأخذني من يقين العقل إلى حيرة القلب،

ومن طمأنينة الشكل إلى صراخ المعنى،

ولا يبقى في الروح إلا هو.

ولا يبقى من "أنا"

سوى شوقٍ يتمتم باسمه دون أن ينطقه. 


يتشرنق داخلي،

ينسج من رغبتي أجنحة،

ويُشكّل فراشاتٍ ترقص في بؤرتي الأنثوية،

فأحلّق معه...

حافية من كل ما عرفت،

ممتلئة به. 


أراه من بعيد،

كحلمٍ جميلٍ لذيذ،

يقتل الوقت، ويُغيّر التاريخ،

ليكون لي... وأكون له. 


هو بطل لا يُكسَر،

وأنا مدلّلته المعذبة، التي لا تعرف النوم إلا في قصيدة حضنه.



إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology