طفلي... حين تغضب الزهور

 


بقلم د. مجدولين منصور 

في كل بيت، تنمو زهرة. قد تكون هذه الزهرة باسمة، ناعمة، تُقبل الصباح بابتسامة وتشدو. مع العصافير. لكن ثمة زهور أخرى، حين تهب الريح، تزمجر... لا لأنها شريرة، بل لأن قلبها لا يعرف كيف يُعبّر إلا بانفجار.


 *من هو الطفل العصبي؟* 


الطفل العصبي ليس سيئًا، ولا يحتاج إلى وصمة غضبٍ أبدية. هو طفل تفيض عواطفه عن الكأس، لا يعرف كيف يسقيها باعتدال، فيفيض الألم من عينيه صراخًا، ويرتعش صوته في حضرة الرفض أو الخيبة. هو ذاك الطفل الذي يبكي سريعًا، يغضب لأتفه الأسباب، يضرب أو يرمي الأشياء، لأن العالم في نظره لا يفهم ما يريد.


إنه طفل لم يتعلم بعد أن المشاعر تُقال لا تُرمى، وأن الكلمات جسرٌ أفضل من اليد.


 *ما وراء العصبية؟* 


غالبًا ما تكون العصبية عند الطفل جرس إنذارٍ خفي. قد تشير إلى:


توتر داخلي نتيجة مشكلات في البيت أو المدرسة.


حرمان عاطفي أو شعور بالإهمال.


ضعف في مهارات التعبير عن المشاعر.


نموذج قدوة غاضب: يرى الكبار فيثور مثلهم.


أو حتى اضطراب عضوي أو نفسي كفرط الحركة أو القلق.



 *كيف نتعامل مع هذه الزهرة الغاضبة؟* 


1. افهم مشاعره قبل أن تحكم عليه:

عندما يغضب، لا تكن أول من يغضب معه. اجلس قربه، انظر في عينيه، وقل: "أفهم أنك غاضب. قل لي، ماذا أزعجك؟"



2. كن مرآته الهادئة:

لا تطفئ النار بالنار. إذا علا صوته، خفّض صوتك. إذا صرخ، اصمت. وإذا رمى، اقترب لا تهرب.



3. استخدم لغة المشاعر:

علّمه أن يقول: "أنا حزين"، "أنا متضايق"، بدلًا من أن يصرخ أو يضرب.



4. ضع حدودًا واضحة لكن بحنان:

أخبره أن الغضب مقبول، لكن الضرب لا. أن من حقه أن يشعر، ولكن ليس من حقه أن يؤذي.



5. خصص وقتًا للعب والحوار اليومي:

قد تكون العصبية نداء استغاثة: "ألعبوا معي"، "اسمعوني"، "انظروا إليّ". عشر دقائق من اللعب العميق قد تُطفئ عاصفة يوم كامل.



6. احكِ له قصصًا عن الغضب وكيفية السيطرة عليه:

القصة مرآة الطفل، يتعلّم منها من غير أن يشعر بأنه متَّهَم.



7. استخدم تقنيات التهدئة:

كتمارين التنفس، العد التنازلي، أو ركن للهدوء في البيت به وسائد وألعاب مهدّئة.



8. راقب البيئة من حوله:

هل يُشاهد برامج عنيفة؟ هل هناك توتر بين الوالدين؟ أحيانًا يكون الطفل سفينة صغيرة في بحر عاصف، وكل ما يحتاجه ميناء آمن.



9. استشر مختصًا إذا استمر السلوك:

ليس عيبًا أن نطلب المساعدة. أحيانًا نحتاج إلى عين ثالثة لترى ما لا نراه.




 *خاتمة:* 


طفلك ليس غاضبًا... بل موجوع. خلف كل عصبية هناك حكاية لم تُسمَع، ودمعة لم تُمسَح، وقلب صغير يقول: "احتضنوني". لا تُقابل ثورته بثورة، بل بصبرٍ يشبه الجبال، وبحبٍّ يُزهِر الصحراء. ففي داخل كل طفل عصبي... طفل يصرخ: "علّموني كيف أكون ناعمًا دون أن أُكسَر".

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology