رسم اللوحة وكتابة بشير انس الحاج محمد
ا
في عالم يعج بالغرائب والمخاوف عالم لا يشبه عالمنا، حيث تسكن الكائنات الخفية من جن وشياطين كانت هناك عادة مظلمة تجري في الخفاء الشياطين تسرق الأرواح الصغيرة النقية، وتحوّلها إلى أتباع للشر، لتنقلب فطرتهم البيضاء إلى سواد لا يغتفر.
كانت "ماريا" شيطانة عجوز من سلالة الشياطين الحمر معروفة بقوتها وسحرها الأسود في إحدى الليالي تسللت إلى بيت من بيوت الجن، وهناك وجدت روحًا طاهرة قوية مفعمة بالمشاعر النقية حدقت بها ماريا مطولاً، ثم قررت أن تأخذها.
مرت السنوات، وكبرت تلك الروح، حتى تحولت إلى كيان مخيف لا يعرف الرحمة أطلقت عليه ماريا لعنة أبدية: "ألا يرحم من على الأرض، إنساً كان أو جنا". نقش على جبهته رمز غامض (5) ، علامة الشياطين الخاضعين لسلطة ماريا.
صار (5) أكثر من مجرد تابع، أصبح سيدا، حاكمًا، قادراً على فتح العوالم وتدميرها. لا أحد يتجرأ على ذكر اسمه، فقد أحاطته هالة من الرعب. قرر ذات يوم أن يفتح عالمًا خاصًا به عالمًا مظلمًا لا يدخله أحد سواه. وفي قلب هذا العالم خلق شجرة ملعونة، تقضي على كل من يمر قربها، وتعلّق حولها رؤوس حكام الجن
موتى، عبرة لمن تسول له نفسه الاقتراب.
ومرت الأعوام، وصار اسم (5) أسطورة من الخوف والدماء.
لكن ذات يوم قامت جنية حكيمة، تملك بصيرة وقوة من عند الإله بعبور هذا العالم وحدها. لم تكن فيه سوى الشجرة و (5). وعندما لامست الشجرة انكشفت أمامها رؤى من الماضي: قتل، دمار، لعنات، وطفل صغير شلبت منه طهارته. عرفت حينها أن هذا الكيان ليس شريراً بالفطرة، بل مسخا صنعته ماريا.
فارتجفت الأرض، واشتعلت الشجرة من حولها، لكنها استعانت بحماية الإله وعادت إلى مقامها، تطلب العون. فاستجاب لها الرب وأرسل إليها روحًا نورانية، قادها إلى الحقيقة.
رأت ماريا، تلك العجوز الملعونة، وواجهتها.
قالت لها: "ما الذي فعلته، أيتها الشمطاء ؟! لم نشرت لعنتك ؟ "
فأجابتها ماريا وهي تنهار بالبكاء:
"أنا لا أريد أن أحترق وحدي... أردت فقط أن يشعر أحد
فأجابتها ماريا وهي تنهار بالبكاء
"أنا لا أريد أن أحترق وحدي... أردت فقط أن يشعر أحد بألمي... أردت أن يُدرك الناس ما يعنيه أن تكون ملعونا."
تركها الحكيم وهي تصرخ، وذهب مباشرة إلى الشجرة الملعونة، حيث يقبع (5).
قال له بثقة:
"أنا هنا بحفظ الله، لن تستطيع أن تهزمني.
أنا أشعر بك... في داخلك لا يزال شيء نقي طاهر... أنا أشعر بك."
ردد الحكيم هذه الكلمات مرات عديدة.
"أنا أشعر بك... أنا أشعر بك..."
وفجأة.... بدأت النيران تخمد.
تشققت الأرض، وانهارت الشجرة.
ومن داخلها خرج (5)، لكن هذه المرة بهالة جديدة مختلفة، أقل ظلامًا وأكثر هدوءا.
اقترب من الحكيم، وأومأ برأسه. لم يعد وحشا، بل شخصا يعيد اكتشاف ذاته.
مختلفة، أقل ظلاما وأكثر هدوءا.
اقترب من الحكيم، وأوماً برأسه. لم يعد وحشا، بل شخصا يعيد اكتشاف ذاته.
اتحد الاثنان وواجهوا ماريا....
وفي نهاية المعركة، سقط الشر، وسقطت ماريا، كما تسقط ورقة ذابلة من شجرة الحياة.
ومنذ ذلك اليوم، لم يعد يذكر اسم (5) بالرعب، بل بالحكمة... والتوبة.