اسمي سليماني هوية تتشظى بين الاغتراب والانتماء

 


‎تبارك الياسين تحاور الكاتبة جميلة عمايرة 

‎---

‎‎تأتي مجموعة "اسمي سليماني" للكاتبة جميلة عمايرة كعمل  يتجاوز حدود السرد العابر ليغوص في عمق الإنسان وهويته الممزقة بين الواقع والحلم. في هذه المجموعة، تفتح عمايرة نوافذ على عوالم داخلية مأزومة، حيث تتجلى الانكسارات الفردية والجماعية، ويطل سؤال الهوية بوصفه هاجساً مركزياً يتوزع على شخوص القصص ومواقفهم.

‎تمتزج في النصوص الواقعية اليومية بالرمزية، واللغة السردية بالنَفَس الشعري، لتصنع لوحة متعددة الأصوات والدلالات، تجعل القارئ أمام مرآة يرى فيها ذاته كما يرى الآخر. وبهذا، تضع عمايرة القصة القصيرة في مواجهة قضايا الاغتراب، الفقد، والانتماء، لتجعل من "سليماني" ليس مجرد شخصية، بل رمزاً للبحث عن الذات في زمن تتلاشى فيه الثوابت.


‎‎1. العنوان "اسمي سليماني".. هل هو مجرد إشارة إلى هوية الشخصية الرئيسية، أم أنه يحمل دلالات أعمق تتعلق بالبحث عن الذات؟

‎‎ج -اسمي سليماني ، هو إشارة البدء  للدلالة على الشخصية الرئيسة، التي ستدور حولها  الإحداث ،  وتدور هي  حولها ،  في بحثها عن ذاتها عبر مواقف وإحداث متوقعة أو غير متوقعة ، بمعنى لم يكن له يد فيها ، منذ الخروج الأول من " البلاد"  1948،  التي سلبت قطعة وراء قطعة. 

‎ بالوقت نفسه ، الاسم  " سليماني" قد يكون أنت أو أنا أو إي شخص آخر. كان ممكن بكل بساطة أن يكون اسمه خالد أو فاطمة أو مصطفى،   الخ..... 


‎‎2. كيف تصفين شخصية سليماني؟ هل هو إنسان عادي يعيش تجارب يومية، أم رمز لمفاهيم أكبر مثل الاغتراب أو الهوية المفقودة؟

‎‎ج - يبدو للوهلة الأولى  إن سليماني شخصية عادية  ، كما الآخرين  لكن قراءة هادئة ومتريثة، تكشف الكثير من الضياع الذي تعانيه هذه الشخصية ، ضياع في مجتمعه، الذي ينكره في كثير من السلوكيات التي  يعاينها مع الأصدقاء أو العائلة ، أو العمل ، أو في الشارع ، مواقف يراها " هجينة"  ولم يتوقعها  تحدث حتى في أشد أحلامه تطرفا ، فصار غريبا بين أهله وصحبه ومدينته. هو الذي ما يزال يبحث عن هويته التي لم يعثر عليها بعد.، في هذه الحياة التي لم يعشها، مرت من جانبه ولم يلحظها.  بلالثالث:ه خارج سياق الإحداث الراهن!  أو هو متأخر كثيرا .  


‎‎3. لماذا اخترتِ مزج أسلوب الرواية مع القصة القصيرة في هذا العمل؟ هل هذا الخيار كان مقصودًا لتعزيز المعنى أم أنه قد يشتت تركيز القارئ؟

‎ ‎ج- واقع الأمر أنني لم أختر شيئا.  لم اسعي إلى التداخل بين القصة القصيرة والرواية،    ككاتبه  أعتبر هذا العمل بأنه رواية " نوفيلا"  لان العمل أو على الأدق الشخصية الرئيسة " سليماني"  مكتنزة بالدلالات والإحداث والصور وكل تدخلات الحدث والشخوص ، عبر اللغة وإمكاناتها العظيمة.  من جهة أخرى كان ثمة انسياق وتسليم من قبلي إنا "كذات كاتبة" للأحداث بحيث صرت إنا المكتوبة، بمعني إن ثمة سياقات حادثة داخل العمل فرضت شروطها وأدواتها فما كان مني إلا الاستجابة. لتكون هذه الرواية أو النوفيلا عن سليماني ورحلته ، رحلتنا في هذه الحياة.، نحن شركاء  سليماني

‎4. من بين قصص المجموعة، أي قصة تعتبرينها الأقرب إلى قلبك؟ وما السبب الذي جعلها مميزة لديكِ؟

‎‎ج -من الصعب الإجابة على هكذا سؤال. كل قصة لها معنى  وتأثير كبير على نفسي، لكن كل الحالات التي تمثلها سليماني محببة لقلبي. 

‎5. كيف تقيمين أسلوبكِ في بناء الشخصيات؟ وهل تركيزكِ على العالم الداخلي لسليماني يجعله أقرب إلى الواقع الأردني أم أكثر تجريداً ورمزية؟

‎‎لا أدري كيف أقيم أسلوبي، ثم أن هذا الأمر ليس من مهامي،  هذه واحدة من مهام الناقد والنقد.  يعنيني أن يكون البناء لجهة الشخوص، وبالنهاية كتابة ذات سوية عالية ولغة ودلالات وإحالات مختلفة

‎‎

‎6. هل يمكن اعتبار شخصية سليماني تعبيراً عن صوت نسوي رغم أنه شخصية ذكورية؟ وكيف تعكس رؤيتكِ النسوية (إن وجدت) في صياغة الهوية داخل النص؟

‎‎ج -بالنسبة للهوية داخل النص، لا يعنيني هذا الأمر كثيرا حين أهم بالكتابة، بقدر ما يهم الحالة، الحالة تفرض شروطها علي إثناء الكتابة كما أخبرتك من قبل.  سليماني شخصية كورية   في السردتماما.من السهولة أن يكون شخصية أنثوية ، الشخصية المقابلة لسليماني كانت امرأة ، من السهولة هنا أن نعكس الأدوار لكل منهما ، ولا يتأثر العمل أو السرد بشيء.  الرجل ليس وحيدا كما هي المرأة تماما .  معا يحيكان أطراف الحكاية ويقتسمان النتائج. 

‎‎

‎7. لغتكِ وأسلوبكِ السردي في المجموعة منحا سليماني عالماً خاصاً ومدهشاً.. كيف عملتِ على إبراز هذا العالم؟ وهل هناك أمثلة محددة اعتمدتِها؟

‎‎ج ـ بالنسبة للأسلوب السردي في هذه " النوفيلا" الذي كتبت به ، أنها لغتي وأسلوبي  الذي حاولت المغايرة عما سبق .  ، من الطبيعي أن يتطور أسلوب الكاتب وبالتالي لغته ، لكن هنا في هذا العمل  تحديدا ثمة خصوصية لعالم سليماني وشؤونه وشجونه، وطريقة تعاطيه مع الأشياء.  بناء شخصية سليماني، وعالمه كلفني الكثير من الجهد  والمحو والكتابة والمحو من جديد نظرا لتعقيدات هذه الشخصية وعوالمها وتداخل الماضي مع الحاضر ، والحاضر الذي يرنو إلى مستقبل مجهول بالنسبة له.   ثمة حنين لزمن جميل مضى وراح ، وثمة فقد وحزن ودموع نسفح بالعتمة، ثمة اجلام مجهضة....  بالنهاية كنت أعري ضعفي، ضعفنا، ونقصي ، ونقصنا، وهشاشتنا ،   وما بدواخلنا ولا نجروء على البوح به إمام الآخرين

‎8. فكرة "المعاني المتعددة" تظهر بوضوح في نصوصك.. كيف سعيتِ لإبراز هذا التنوع في الأحداث والشخصيات؟

‎‎بالنسبة للمعاني المتعددة بالنص، أظنها طريقة أو أسلوب يبنيه الكاتب ويتتبعه بهدوء وطول بال.  أتمنى على النقاد  ، ناقد ما ، أن يتوقف إمام هذه النوفيلا، ويشرحها تشريحا نقديا مهما . 

‎9. هل تعتقدين أن "اسمي سليماني" يعكس قضايا اجتماعية أو ثقافية خاصة بالمجتمع الأردني؟ وما أبرز هذه القضايا؟

‎‎ج ـ بقدر ما يعكس هذا العمل قضايا، اجتماعية  تعود في جزء كبير منها للتطورات الحادثة غي هذا العالم وخاصة ثورة الاتصالات وما تبعها من وسائل في السوشال ميديا، بحيث صار العالم قرية صغيرة  ، كما يقول سليماني ، صار بإمكانك أن تهافت احدهم بالصوت والصورة وأنت في  آخر العالم ، وهذا ما أصاب سليماني بالجنون، وقضايا أخرى سياسية وثقافية، بقدر ما تخص واقعنا هنا ، تخص الإنسانية يعموها ولا تقتصر على فشه دون غيرها.


السيرة الذاتية :

‐ كاتبة وقاصة٠ 

‐ عملت في الصحافة الثقافية لأكثر من خمسة عشر عاما ٠

‐ كتبت المئات من المقالات في الصحف الأردنية والعربية٠

‐ كتب العديد من الدراسات النقدية٠

‐ حاضرة في الأدب العالمي، وترجمت قصصها للإنجليزية والفرنسية والألمانية والكردية٠

عملت مديرة تحرير لمجلة تايكي المتخصصة بالإبداع النسوي منذ ( ٢٠٠٠ ‐ ٢٠١٠)  ٠ 

‐ كاتبة عمود أسبوعي في الصحافة الثقافية٠

‐ عضو في رابطة الكتاب الأردنيين والاتحاد العام للأدباء  والكتاب العرب٠





إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology