الشاعر سعيد إبراهيم زعلوك
غَزَّةُ تَنْتَصِرُ،
رغمَ الرُّكَامِ وَالدُّمُوعِ،
ورغمَ اللَّيْلِ الطَّوِيلِ الذي يَصْرُخُ بالحُزْنِ،
ورغمَ صَمْتٍ حاولوا زرعه في صُدُورِنَا.
غَزَّةُ تَنْتَصِرُ،
فِي قَلْبِ كُلِّ طِفْلٍ يَبْتَسِمُ،
فِي صَرْخَةِ أُمٍّ تَمْسَحُ دُمُوعَهَا فِي صَمْتٍ،
فِي حَجَرِ الأَرْضِ الذي رَفَضَ أَنْ يَنْكَسِرَ،
وَفِي أَصَابِعِ المَبْدِعِينَ التي تُخَطُّ عَلَى الجُدْرَانِ.
غَزَّةُ تَنْتَصِرُ،
فِي الأَرْوَاحِ الَّتِي تُصِرُّ عَلَى الحُبِّ،
فِي النُّورِ الذي يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الأَنْقَاضِ،
وَفِي الأَمَلِ الذي يُولَدُ مَعَ كُلِّ فَجْرٍ جَدِيدٍ،
فِي شُعَلِ الأَحْلَامِ التي تَنْبُتُ مِن الرُّمَامِ.
غَزَّةُ تَنْتَصِرُ،
فِي صَوْتِ الشَّبَابِ المُمْتَسِكِ بِالحُرِّيَّةِ،
فِي أَيَّامٍ تَتَحَدّى الظَّلَامَ بِلا خَوْفٍ،
فِي أَغَانِي النَّهَارِ التي تَنْبُتُ مِن رَمَادِ الحُزْنِ،
وَفِي بَسْمَةِ الأَرْوَاحِ التي لا تُقَهَرُ.
غَزَّةُ تَنْتَصِرُ،
فِي قَلْبِ التَّارِيخِ الذي شَهِدَ الصُّمودَ،
فِي دِمَاءِ الشُّهَدَاءِ التي تُسْقِي أَرْضَهَا،
فِي العُيُونِ التي لا تَعْرِفُ الاستِسْلَامَ،
وَفِي حُدُودِ المَدِينَةِ التي تَحْتَضِنُ أَحْلَامَ الأجيالِ.
غَزَّةُ تَنْتَصِرُ،
تَحْتَ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ،
تَحْتَ أَجْنِحَةِ الحُرِّيَّةِ التي لا تَمُوتُ،
وَفِي صَوْتِ الأَرْضِ التي تَصْرُخُ: لَنْ نَسْقُطَ!
غَزَّةُ تَنْتَصِرُ،
فِي رِيَاحِهَا أَسْمَاءُ الأَبْطَالِ،
فِي صَمْتِهَا مَعَانَاةُ الشُّهَدَاءِ،
فِي كُلِّ حَجَرٍ قِصَّةُ انْتِصَارٍ تَنْتَظِرُ مَنْ يُرْوِيها.
غَزَّةُ تَنْتَصِرُ،
فِي بَحْرِهَا أَمْوَاجٌ تُغَنِّي صُرُوخَ الأَمَلِ،
فِي طُيُورِهَا أَرْوَاحٌ تُحَلِّقُ فَوْقَ الرُّمَامِ،
فِي شَمْسِهَا شَعْلٌ لا يَخْبُو،
فِي قُلُوبِنَا صَدَى أُمَّةٍ لا تَخْشَى، لا تَخْفُ، لا تَسْقُطُ.
وَكُلُّ الدُّنْيَا تَسْمَعُ:
غَزَّةُ حَيَّةٌ، حُرَّةٌ، لا تُقْهَرُ!
