د. بدرية مانع
خريف هذا العام لم يكن دافئاََ، يخالك لأول وهلة بأنه سيمضي مخلفاََ الباب مواربا لشتاء أشد قسوة!
نسمات الهواء تختلس سماءها في تردد ملقية بكل دفء البدايات و صقيع النهاية.
مضت منتهى في الطريق المؤدي إلى النهر، وقد التصق ظلّها بالأرض في تراخٍٍ، يجتر معه كل ما أفلت منها في السنوات العجاف.
تلمست حقيبتها وهي تلتقط ورقة قديمة صفراء متهالكة الأطراف:
"لاشيء...يزهر في الخريف"
"لكم هو أمر محير... كم يُشبه الإنسان أوراق الخريف. إنه بحاجة للسقوط أيضا ليزهر من جديد..."
توقّفت عند الحافة، ونظرت إلى المياه في دعة، لطالما راق لها انعكاس لوحة السماء وهي تتهادى على صفحات الماء.
"جميل هو شعور الرضى؟
إنه الفضيلة الكبرى والاستسلام المجمل".
رفعت رأسها نحو السماء، فبدا لها الأفق منصهرا كلوح ذهبيّ خافت، غروبٌ؟ شروق؟، هي حالة بينهما، سيان بينها وبين حياةٍ معلّقة على خيوط الخوف والطمأنينة.
أو السكينة الموجعة التي يهبها الخريف لمن يجيد جمع أوراقه المتساقطة دون قناع.
للإنسان أيضا مواسم!
ومع آخر ضوءٍ في الأفق، أحسّت منتهى بشيءٍ من الدفء...
دفءٌ قبولٍ هادئ لما كان، و... يكون.
ثم أغمضت عينيها في لحظة سكون مباغت:
"يقال بأن الإنسان لا يدرك جوهر الحياة إلا حين يقترب من نهايتها،
لكن الحقيقة هي بأن النهاية تعني الوعي المطلق: هش، ناقص، خائف، تسقط أوراقه الذابلة لتنبت أخرى".
لا شيء يعود كما كان؛
في مساءٍ كهذا، تختلط فيه رائحة الأوراق بالهواء، وقد يغلبك الإدراك الحتمي بأن الوجود بكل ما يحويه من ألم وفرح جدير فعلا بأن يعاش.
-تمت-
خريف ٢٠٢٥

رااائعة👏✨️💖
ردحذف