"وحش النبيذ" Monstre du vin

 



الكاتب بلعربي خالد (هديل الهضاب)


كان هناك رجل يُدعى سامي، عاش في عالم من الزجاجات النبيذ وضياء الحانات. كل يوم كان يتخبط بين الليل والنهار، مرهقا نفسه في بحر من الكحول. كانت نظرات الآخرين له قد انسدلت كستارة ثقيلة، لا تكاد تحجب ضغوط الحياة اليومية التي يعيشها. ولكن ليس هذا ما يشغل باله لابد من يوم تتغير حياته الى الحسن وفي أحد الأيام،  وهو في الحانة  لفتت انتباهه تلك العلبة الصغيرة.

كانت علبة سجائر قديمة، مكتوب عليها بخط عريض: "هل تريد الإقلاع عن الكحول؟ اتحداك أن تواجهني في العنوان المكتوب في الأسفل." ضحك سامي بسخرية، لكن شيء ما في تلك الكلمات نقر في أعماقه. نظر إليه الساقي بطريقة مقززة وكانه قد سئم من وجوده في الحانة كل يوم ، ولكن تلك اللحظة أثارت تساؤلاته. "لماذا لا؟" همس في نفسه.

خرج سامي من الحانة وهو يحمل العلبة في يده، ومشاعر مختلطة من الحيرة والتحدي. حينما وصل إلى العنوان المكتوب، دق الجرس، ففتح له رجل في منتصف العمر بابتسامة تشي بالجود. قال الرجل: "كنت متأكدًا أنك ستأتي ، تفضل يا سيدي."

جلس سامي على الطاولة، فلمح كاس وقنينة النبيذ ورغم استعداده للاقتلاع عن الشرب، لم يستطع مقاومة عرض ضيافةالنبيذ . قال : "نعم، أنا في حاجة له!" أجاب دون تردد . و لكن الكلمات توقفت عند حافة لسانه حين ذكر الرجل أنه طبيب نفسي، وعرض عليه كبسولة من دواءً مصنوعة من أعشاب مهدئة.

"هل تشعر ببعض الصداع؟" سأل الطبيب . رد سامي بأنه يشعر بشيء من عدم الراحة، ثم سلم له كبسولة زعم أنها ستساعده في الشفاء . بعد ذلك، مباشرة غادر  سامي إلى بيته  مرهقا و مشوش التفكير.يهذي في نفس:

"كيف يريدني ان اقلع عنه ويقدم لي كاس من  النبيذ عجيب امر هذا الطبيب؟ :

في صباح اليوم التالي، استيقظ ليجد غرفته ممتلئة بالزجاجات الفارغة التي سهر ليلا كامل في شربها . فأصابه الجنون وركض إلى بيت الطبيب. " كيف ولماذا أن أشرب أكثر مما كنت عليه؟" صارخا في وجهه.

ابتسم الطبيب وأحضر له قنينة صغيرة تحتوي على كائن صغير. "هل ترى هذا الحيوان شكل الثعبان له رجلين بمخالب صحيح غريب  اليس كذلك. لم تراه من قبل انه ثعبان نادر الوجود ؟ إنه يعيش على النبيذ فقط، وإذا انقطع عنه يموت."

استشاط سامي غضبًا : "وما دخلي في هذا الوحش؟"

 

أجابه الطبيب: "أتذكر عندما جئت في المرة الأولى؟ كنت تعاني من الصداع، و اليس كذلك. لقد كان تلك الكبسولة مجرد بيضة. لهذا الحيوان نما بداخلك، ويطلب النبيذ  لينمو ويكبر."

عندها شعر سامي بالخوف. تعصب وثار" أحتاج حلًا!" بصراخ.

أجابه الطبيب: "الحل بين يديك. إذا أردت قتل هذا الكائن، عليك الإقلاع عن شرب النبيذ." 

مرت الأشهر الثلاثة، وكان سامي مثابرًا، حيث اتبع نصائح الطبيب. وعندما جاء الوقت للزيارة مرة أخرى، قال الطبيب مبتسمًا: "لا وجود لحيوان هنا، بل كانت اللعبة تحمل رسالة. أما كبسولة الدواء، فكانت مهدئًا فقط."

ضحك سامي، وبهذه اللحظة فهم التحدي الحقيقي. كان التحدي ليس مع الكحول أو مع وحش افتراضي، بل مع نفسه. تعلم أنه بالإرادة والعزيمة، يمكنه هزيمة العادات السيئة التي رافقته طويلاً.

عاد سامي إلى حياته، ولكن بحذر أكبر، متذكرًا دومًا أنه في قلب كل تحدٍ يحتاج إلى مواجهة نفسه أولاً.



إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology