حسين جداونه
سلوك
جذبني من ثيابي بشدة..
سألني مستنكرًا:
ـ ما الذي دفعك للسير في هذا الطريق الوعر؟
قبل أن أجيب عن سؤاله، هزّ رأسه بأسى..
ومضى يغذّ السير في نفس الطريق…
***
سماء ملبّدة بغيوم داكنة
رأيت علقمة سارحًا، فنكزته:
ـ ما بك يا صديقي؟
ردّ باقتضاب:
ـ لا شيء، سوى إنني اشتريت لها الخبز، ونسيت اللحم.
قلت له مستفزًّا:
ـ لعلك تناسيته!
لم يبتسم هذه المرّة، ولم يهزّ رأسه كعادته، لكنّه بدا حياديًّا حدّ الموت...
***
كلب
كلب السيدة الأليف ملّ حياة الدلال..
نزع السلسلة الذهبية من عنقه..
وراح يتشرّد في الطرقات..
كلما صادفه زوجها نظر إليه شزرًا...
***
زيارة
بعد أسبوع من وفاة أبي زرت قبره..
وقفت عند الشاهد قرأت الفاتحة..
كان سرب من النمل يخرج منه..
سألته: ماذا تعمل هنا؟ ماذا تحمل بين فكيك؟
لا أدري.. أسمعني أم لا؟
لكنّه استمر في حركته الدؤوبة..
وأنا خشيت أن أكرّر السؤال...
***
خلاص
تقلبت على جانبيها..
حرّكت زعانفها وذيلها بهدوء وسكينة..
يجب أن أتخلّص من شرّه المحدق بي إلى الأبد..
لا بدّ لي من ابتلاعه..
بعزم وإصرار مضت تترصّده..
في جوف مظلم...
***
لحن مشروخ يقطر صريرًا
وصلت إلى آخر درجة في السلم..
زرعت راياتي..
وأغمضت عيني..
لم يكن هناك أحد سوانا..
أنا وهنّ..
كان لقاء حارًّا..
وكنت وجبة أعددتها لهنّ بنفسي..
تليق بالضيوف أصحاب البيت...
***
حكمة لا يدوس على ظلّها أحد
انحنى ريثما تمرّ العاصفة..
مرّت العاصفة..
ظلّ ظهره محنيًّا...
***
مسافة
جلسا يتخيلان جنّة وارفة الظلال..
صارت حمامة..
صار بندقية...
***
مكافأة
كان المرتقى عاليًا.. والطريق وعرًا..
اكترى حمارًا مؤمنًا.. امتطاه.. اجتاز به الدرب..
ما إن وصل إلى مبتغاه حتّى دفعه إلى قعر وادٍ سحيق..
فثمة جنّة وارفة الظلال...
***
انتظار
في المحطة الأخيرة، توقّفت كلّ القطارات ثم انطلقت..
هو ظلّ واقفًا هناك، بجانب أحلامه..
يراقبها بلا مبالاة...
***
