عمّان – تعقد مبادرة نون للكتاب جلستها الحوارية الخامسة والثلاثين لمناقشة رواية "المهندس" للروائي والباحث الأردني سامر حيدر المجالي، وذلك في تمام الساعة السادسة والربع من مساء السبت (8) نوفمبر في مكتبة عبد الحميد شومان بجبل عمّان.
يدير الجلسة الناقد أُسيد الحوتري، وتقدّمها القاصة حنان الباشا، فيما تتولى الناقدة دارين الدويك القراءة النقدية، ويتخلل اللقاء فواصل شعرية يقدّمها الشاعر والإعلامي نضال برقان.
رواية "المهندس" تنطلق من تجربة شاب أردني يدعى فراس عاش شبابه في العاصمة الأردنية عمّان، ثم انتقل للعمل في مدينة دبي، لتصبح حياته مسرحا لتقاطع الزمان والمكان، ولجملة من التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها الشباب العربي في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. من خلال هذا المسار، يستعرض الكاتب تحولات الفرد في مواجهة الحلم وطموحات "الهندسة"، ليس فقط كحرفة بل كمبدأ وجودي وكمفهوم العمارة والبناء والواقع، حيث يكون العنوان "المهندس" رمزا مزدوجا: مهندسا كمهنة ومهندسا لحياة الذات.
تجري أحداث الرواية في ثلاث دول عربية هي الأردن، وخصوصا عمّان، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، وتربط بين هذه المواقع رحلات وتجارب شخصية للبطل. يمتد زمن الرواية عبر عقود، تستحضر حقبا مثل عقدي الثمانينات والتسعينات في الأردن، مرورا بعهد الانفتاح في مصر، وصولا إلى الفترة من عام (2010) حتى (2019).
البطل، فراس، هو مهندس أردني يسعى للنجاح، لكنه يقع في تجارب تحوله من الطموح إلى المواجهة مع قيود الواقع. تبدأ أحداث الرواية في عمّان حيث واجه فراس سنوات شبابه، ثم يمثل انتقاله إلى دبي مرحلة الطموح والفرص، وهناك يواجه نماذج متعددة للعمران، والمال، والاستثمار، والوجود الشخصي. تتداخل في تجربته ذكريات الماضي وتجارب الغربة والصراعات النفسية والخيبات التي تترك أثرها في تكوينه الإنساني.
يحمل النص بعداً هندسيا فعليا، فالكاتب مهندس مدن، والبناء والعمران يشكلان خلفية رمزية لوقائع الرواية. يشير النص إلى أن الهندسة ليست مجرد مهنة، بل رؤية للحياة ترتبط بالروح والمادة معا، حيث يقول الكاتب: "الإنسان هو الكائن الوحيد الذي تنطبق فيه قوانين الروح على المادة، والمادة على الروح." كما يحمل العمل بعدا تأمليا وصوفيا؛ فالقلق والغربة والإحساس بانهيار الأبعاد وتفتت الزمن كلها تجليات نفسية ترتبط بالمكان والهوية.
يمكن النظر إلى الرواية كسيرة روائية أو "سيراوية"، تمزج بين السيرة الذاتية والتخييل، وتقدّم تجربة إنسانية في بيئة اقتصادية واجتماعية ومعمارية حاضرة. تعالج الرواية قضايا الشباب العربي، والفرص التي تلوح أمامه في دول الخليج، وما يصاحبها من اغتراب أو فقدان للذات. كما تتناول العلاقة المعقدة بين الإنسان والمكان: كيف تشكل المدن البشر وكيف يعيد البشر تشكيلها، وكيف تتحول العمارة إلى مرآة لصراعات داخلية. وتطرح تساؤلات حول الفرق بين المال والحقيقة، بين العمارة والنفس، بين البناء الخارجي والبناء الداخلي، إلى جانب التداخل بين الماضي والحاضر، وبين الأمكنة التي تغيرت وأخرى لا تزال تحمل ذاكرة من الزمن القديم.
صدرت الرواية عن دار الآن ناشرون وموزعون في الأردن، وتقع في نحو (192) صفحة.
تستحق "المهندس" القراءة لأنها تقدم رؤية عربية معاصرة لقضايا الشباب والهجرة والطموح والهوية في زمن سريع التغيّر، وتفتح نافذة على تجربة عربية في مدن دولية مثل دبي من منظور مهندس عربي. كما تجمع بين البعد المعماري والإنساني، وتقدّم تجربة سردية ليست مجرد قصة، بل تأمل في المكان والوجود. إنها رواية تناسب القارئ الذي يهتم بتقاطع التخصصات: الهندسة، والأدب، والفلسفة.
سامر حيدر المجالي مهندس مدني، وروائي، وباحث أردني في التصوف والفلسفة.
حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية من الجامعة الأردنية، والماجستير في إدارة الأعمال من جامعة (نورثامبتون) البريطانية.
صدر له:
- شياطين في حضرة الملكوت: بحوث عرفانيَّة وفلسفيَّة (2017).
- أكمام الحب والغضب: نصوص (2019).
- المؤابي: رواية (2020).
- شهود من أهلها: جمع وتحرير (2020).
- مع الحياة نظرات في صفاتها وأسرارها: فلسفة (2021).
- المهندس: رواية (2023).
- الحارّات: نصوص (2025).
- الكائن الروائي: أسراره وبنيته، نقد (2025).
ويذكر أن المجالي يدير حاليا مؤسسة خاصة بإدارة المحتوى والتحرير الأدبي تحمل اسم: "الميثاق لإدارة المحتوى وتطوير النصوص"
