الشاعر سعيد إبراهيم زعلوك
في رقة أوراق الخريف،
تتهادى الأرواح على نسيم الحنين،
تتنقل الألوان بين الذهب والبني،
وتهمس الأرض بحكاياتها القديمة والجديدة،
كأن الزمن نفسه يهمس بين أغصان الشجر.
كل ورقة تسقط،
نبضة خافتة للحياة،
حاملة سرّ الحب الصامت،
الفراق المختبئ، والفرح الذي لا يُرى،
والحنين المتسلل بين أطراف الأيام،
لتترك للروح مساحة لتتنفس، لتبتسم، لتغني،
وتكتب على صفحات الضوء قصائدها الصافية.
الشجر ينحني، والغيم يهمس لغيمه،
والأرض المبللة بالذهب تصغي للرقص الأخير للأوراق،
حيث يزهر الشعر على أوتار الخيال،
ويصبح الحلم وطنًا لكل من يبحث عن ذاته،
ورقةً تحمل قلبها،
نسمةً تنسج للروح لباسها،
وبذرةً تنتظر المطر لتنمو،
لتغدو ذكرىً متجددة في كل خريف جديد.
كل خيط من الشمس،
كل قطرة مطر هادئة،
تحمل أسئلة الأيام،
وأسرار الليالي الطويلة،
ويصبح الحنين لغةً،
والألم نبضًا،
والأمل أغنيةً صافية،
تزهر مع كل سقوط،
ومع كل شجرة تحني رأسها للريح،
ليكون الخريف قصيدةً حية،
موسيقاه في صمت المطر،
وصوره على ضوء الشمس المتسلل بين الأوراق.
الكلمات تتساقط كما الورقات،
لكنها لا تموت،
بل تزهر في الذاكرة،
تنسج حكايات جديدة،
وتفتح أبوابًا على الأمل،
وتترك للروح أن تعيش الحنين،
وتغني للحياة قصيدة أبدية،
كما لو أن كل فصل من الخريف،
لحظة مقدسة،
تزهر فيها الكلمات وتهمس وتغني،
ويصبح الخريف وطن الروح، ومكان الانصهار مع الضوء،
ومرآة للحلم، وموسوعة للحنين،
ومساحة لتجدد الحياة في كل نفسٍ من النسيم.
وهكذا، يصبح الخريف أكثر من فصل،
أكثر من لونٍ أو نسيم،
إنه تجربة، رحلة، وطن داخلي،
تزهر الكلمات فيه، تغني، وتهمس،
وتترك للروح أن تحيا، أن تتذكر، أن تحلم،
أن تعيش الخريف دائمًا…
وتصبح كل ورقة، كل نسمة،
قصيدة مفتوحة على كل الحكايات،
على كل الضوء والظل،
على كل ما يدفن الحنين ويطلّ بالأمل.
