بقلم ريحاب مدين / مصر
قال: أحبك هذا روحيًا؟
قلت: أو هكذا صار!
قال: تلتقيان؟
قلت: الأرواح على صفاء نواياها تلتقي!
نلتقي بالأرواح، ولا يكتب لنا رؤية ملامحها!
قال: ومتى حدث؟
قلت: حين سقطت كل الآمال دفعة واحدة!
قال: كيف؟
قلت: هشمتها مجاهل الأرض، ففر إلى السماء!
قال: فر لم؟
قلت: لأنه حب خفيف الحمل، لا يكلفنا عبودية جديدة آتية من هذا الذي نحبه!
قال: ومتى وجد؟
قلت: متى وجدت الحياة!
في عتمة الكون، وعلى غفلة منا، اصطفتنا السماء لهذا!
قال: أكان جسديًا؟
قلت: وقتها كان الفراق مثواه!
قال: أله صوت؟
قلت: مناداة الروح أسمعتنا كل شيء!
نسمعها مهما تهنا بين الجموع!
قال: أله طريق؟
قلت: ذاك الذي يسلكه المرء عائدًا إلى نفسه!
قال: أله جهة؟
قلت: استدبرته الريح!
بوصلته وجهتها صوب السماء منذ حينها، وكل الجهات تتبعه!
قال: أله أرض؟
قلت: كلانا تخلى عن ترابيته، فكان الحب أرضنا التي تسبح في عالم من الدر!
قال: أبه ألم؟
قلت: دونه احتضنا آلام العالم بين جوانحنا، كابدناها سويًا!
قال: أبه فرح؟
قلت: على جدران الذكريات التي لم نحياها سويًا، تركنا ضحكاتنا المفرحة!
قال: أبه حنين؟
قلت: وما أدراك أني لا أحن؟ ما أدراك؟
قال: أبه أخذ؟
قلت: به عرفنا متعة العطاء! أعطينا الأشياء حتى تلك التي لا نملكها!
قال: أبه بكاء؟
قلت: ضحكاته تجاوزت أصوات النواح!
قال: أله أبواب؟
قلت: سدت حصون الليل أبوابه!
قال: أبه رضا؟
قلت: به ترضى من الدنيا بما لا توده!
قال: أبه أمنيات؟
قلت: لا!
قال: ربما لأنه اختنق يأسًا على الأرض؟
قلت: إنه شفيف، لم تسعه مجاهل الأرض!
أخرجنا من طينتنا، أصبحنا كلنا نورًا!
الأرض والسماء خصمان في امتلاكه!
لكنه أفلت من براثن الأرض، إنه يملك جناحين خفاقتين!
قال: أبه حزن؟
قلت: لو حزنّا على بعادنا لسجنّا في سجن الجسد أكثر!
قال: أله نهاية؟
قلت: كلما تناهى غرامنا عاد بوصْل خفي ساندته الآمال!
قال: أبه آلام؟
قلت: آلامه رفيعة المقام!
قال: أنت تتأوه؟
قلت: تلك الآلام المتأوهة بي، صوتها لا يسمع له رِكزًا! آلامها خُلقت بكماء!
قال: حبًا في هذا العمر؟
قلت: نحن طفلان كبرا سهوًا! الأرواح لا تشيخ!!
قال: مضى الزمان بكما؟
قلت: يجعلنا الزمان أكثر مسامحة!
قال: تقصد أكثر زهدًا؟
قلت: بل أكثر تسليمًا!
قال: أشقاء هو؟
قلت: أنا الشقي القتيل، متى استجدَيت وصله!!! هو الموت، ويل منه! لا يحبسني عنه غير الرجاء في وصال روحه!
وتكون الآهات مناجاة بين الحلم واليقظة!
قال: وما نفع آهاتك؟
قلت: المرء مأجور على أحزان قلبه!
قال: حبًا روحيًا يملؤه الأسى؟
قلت: جعلنا الأسى أكثر حكمة!
قال: أله أجل؟
قلت: إلى الممات تكتمنا لواعجه!
قال: أبه حيرة؟
قلت: من عرفه زاد يقينه، وقل تحيره!
قال: أبه مقاومة؟
قلت: النجاة كانت في مجاراته!
قال: أبه فقد؟
قلت: في جنة الأرواح مكان منسي يجزى هناك المجابهون لتعاسة الفقدان!
قال: فقدان!!! أروحي هو؟؟
قلت: أو هكذا صار!!!
