البروباغندا آلة التلاعب بالوعي وهندسة الإدراك بين سطوة الخطاب وتلاشي الحقيقة



 كميلة نوري العكيدي


البروباغندا عملية تعتمد على السيطرة القسرية على وعي الجماهير وتعبئة الرأي وإدارة دفة السلوك عبر رسائل مدروسة دراسة دقيقة تؤثر بشكل عاطفي بعيد عن المنطقية حيث تقدم المعلومات بشكل انحيازي انتقائي لتحقيق أغراض معينة قد تكون سياسية اواجتماعية  اواقتصادية ،تمتاز خصائصها بالآنتقائية التي تعرض الجزء القليل من الحقيقة وتخفي ماهو أعظم ، وتعمل على استثارة العواطف فتلعب على عناصره المهمة مصل الخوف ، الامال، الطموحات، الهوية، الانتماء، المستقبل...الخ، تعمدالى التكرار لتصبح مألوفة لايمكن مقاومتها من المجتمع او الإطاحة بها من اي جهة ،فتبدا بتبسيط الواقع وتعطي القضايا المصيريةطابعا ثنائيا فتجعلها ذات قطبين مع او ضد ، خير او شر، وتخلق صورة لعدو تصنعه بنفسها وتوجه الغضب الجماهيري نحوه .

تستخدم البروباغندا أدواتها التقليدية من خلال الأعلام المرئي او السمعي او المقروء كالتلفاز والإذاعة والصحف، اوتستخدم جيوشها الألكترونية فتسرب المعلومات بشكل مدروس وتختار الجمهور .

تنحصر أهدافها حسب الزمان والحدث فهي قد تبرر الحروب اوتؤثر بنتائج الأنتخابات اوتصنع رموزا وتطيح بأخرى وتوجه سلوك الجماعات نحو قضايا مدروسة ، 

كأن تروج لإنجازات وهمية غير واقعية لكن تعطيها صورة القوة وصفة المعروف فتوهم الأفراد بغاياتها الخيرية وتخفي نواياها السيئة ، او تصور فئة معينة بأنها تهدد استقرار المجتمع رغم انعدام الأدلة ..مثال على ذلك تستخدم صورا لطفل يبكي،نساء تُقتل، جنود يُضطهدون ، علم يُمزق ، لتدفع الناس لتبني موقف سياسي او اجتماعي معين وتعبئة ارائهم نحو نتيجة مدروسة.

اليوم اصبحت البروباغندا اخطر وأشد فتكا بالمجتمع لاستخدامها السوشال ميديا لسرعة انتشار الأخبار بأقل تكلفة ولكونها استخدمت فئات معينة كالمراهقين والحالمين والموهومين ثقافيا فتضخم المحتوى العاطفي لديهم  بخطاب زائف وشعارات مزيفة ورسائل معدة أعداد خاصا لهم.

كيف نميز البروباغاندا ؟ 

١-راقب اللغة العاطفية وخطابها هل اعتمد التهديد، التخويف، إثارة الغضب، تمجيد جهة وتسقيط اخرى، بدون تقديم إدلة دامغة.

٢-هل يبسط قضايا مصيرية ومعقدة ويتفه الواقع حيث تُصير الشخوص من خائن الى وطني 

ومن فاسد الى نزيه ومن ابيض الى أسود ...الخ 

حيث تلغي التعقيد في رسائلها وتسفه الإحداث وكأنها رواية مظللة من فم  صغير.

٣-فحص المعلومة: من خلال مصدرها والمستفيد منها وهل لديه سوابق للتلاعب بالأخبار ،ووجود مصادر محايدة نشرت نفس المعلومة ..

٤- التكرار المقصود: 

حين تتكرر المعلومة او الرسالة على شكل مقاطع في الصفحات او المجموعات او بمنشورات مجهولة بنسق واحد وأسلوب مشابه فهذه بروباغاندا مدروسة وليست رأيا طبيعيا سائدا .

٥- الجمهور الموجه له الرسالة: 

هل يستهدف قبيلة معينة ، شخصية بارزة سواء رجل او امرأة  او منطقة جغرافية .

٦-غياب الإحصائات الرقمية الحقيقية:

اي خطاب او منشور يخلو من الارقام والإحصائيات والمصادر هو خطاب تأثير .

٧- تضخيم الإخطاء اوالإنجازات :

اسلوب ممنهج يعمد الى تضخيم ماهو تافه لتحويله الى كارثة او انجاز أسطوري  أوتقزيم ماهو عظيم. 

كيف نحمي أنفسنا من البروباغندا ؟ 

١-من ابلغ الأسئلة واكثرها منطقية 

(من المستفيد ومن يقف وراءه )

٢_البحث في روايات ومصادر مختلفة ومتعددة والابتعاد عن التفكير الأحادي.

٣-عدم التفاعل المباشر 

(غضب مشاركة تعليق)

٤- افصل بين الشعور اللحظي وبين الحقيقة 

لان قوة البروباغاندا تكمن في المشاعر اما الحقيقة في التفكير.

٥-تجنب الصفحات المجهولة 

والتي تبرز بشكل فجائي وبصور وهمية او بدونها وأسماء مثيرة او متكررة بلا تاريخ ولامنشورات سابقة فهي أحد أدواتها.

٦- مراقبةالنفس واجعل لها مقياسا داخليا لتفاعلك حينما تشعر برغبة قوية في كره طرف ، النظرية الإيمان بفكرة معينة، الإحساس بأن الكل متفق .فنظرية القطيع هي احدى علامات التلاعب .

٧-تعلم أساس التحليل الإعلامي:

التلاعب بالصورة ، بصياغةالخبر، بصناعة عدو وتوجيه الرأي العام ضده، اجتزاء مقاطع فهذه هي أساليب البروباغندا .

البروباغندا ليست من يعرف أكثر، بل من يشك أكثر ، لأن الشكّ هو آخر حصون الحرية العقل والمنطق ،وأول خطوة نحو رؤية العالم كما هو  لا كما يُراد له أن يبدو. فلا تكن دمية خيطية يمكن التلاعب بك بسهولة.



إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology