د. مصطفى عقيل : العربية لغة حضارة وثقافة وفكر
د. عائشة الكواري : التجربة القطرية تقدم نموذجا داعما لصناعة الكتاب
د . الصديق عمر : معظم التأليف العربي يتجه إلى السرد والرواية
عمان – عمر أبو الهيجاء
شهدت مكتبة قطر الوطنية ندوة ثقافية بعنوان (الكتاب العربي عامة والقطري خاصة: قراءة استشرافية)، وذلك بالتعاون بين جائزة الكتاب العربي ومكتبة قطر الوطنية. وقد جمعت الندوة نخبة من المثقفين.
وجاءت الندوة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر كل عام ، وضمن جهود جائزة الكتاب العربي لتعزيز الحراك الثقافي، ودعم صناعة الكتاب، وفتح نقاشات مهنية حول مستقبل النشر في المنطقة.
وافتتحت الندوة بكلمة أدبية بليغة تنمتني إلى أدب المقامات من سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية ، مذكّرا بالجذور العميقة التي يستند إليها الكتاب العربي، كما ربط في كلمته ببراعة بين أصالة التراث العربي وبين التطلعات المستقبلية للكتاب العربي.
وشارك في الندوة كل من الأكاديمي والمؤرخ الدكتور مصطفي عقيل الخطيب ، والدكتور الصديق عمر: عضو اللجنة التسييرية لجائزة الكتاب العربي ، والدكتورة عائشة جاسم الكواري: الرئيس التنفيذي لدار روزا للنشر ، وأداراها الدكتور محمد خالد الرهاوي أستاذ اللغة العربية المشارك في جامعة قطر.
ثم انطلقت الجلسة النقاشية بالمحور الأول الذي ركز على معايير الجودة وتحدث فيه الدكتور الصديق عمر الصدّيق، عضو لجنة جائزة الكتاب العربي، مؤكدا أن أزمة الكتاب العربي ترتبط بحالة الضعف العام التي تعانيها الأمة، مشيرًا إلى أن النهوض لا يتحقق إلا بالعلم والمعرفة الجادة. وأوضح أن معظم التأليف العربي يتجه إلى السرد والرواية، مع محدودية الأعمال الجيدة، مقابل ضعف الإقبال على الدراسات العلمية الرصينة في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية والفلسفية والدراسات الإسلامية والتاريخية، وتحقيق النصوص والمعاجم والموسوعات. وبيّن أن جائزة الكتاب العربي جاءت لتعزيز مكانة الكتاب العربي، وتشجيع المؤلفين والباحثين على إنتاج أعمال معرفية قوية، من خلال فئتي «الكتاب المفرد» و«الإنجاز»، بما يسهم في الارتقاء بالكتاب العربي كمًّا ونوعًا.
أكد الدكتور مصطفي عقيل الخطيب، الفائز بجائزة الكتاب العربي في نسختها الأولى، أن الجوائز تشكل حافزا مهما للكاتب والمؤلف ولا تمثل قيدا على الإبداع، مشيرا إلى أن الكتاب العربي ما زال يعاني من التهميش في كثير من المناطق، وأن شريحة واسعة من الجيل دون سن العشرين تجهل أسماء بارزة في الفكر والثقافة العربية الحديثة. وأوضح أن اللغة العربية تمتاز بثباتها وخلودها، ما يجعلها لغة حضارة وثقافة وفكر، وليست مجرد أداة للتواصل.
وفيما يتعلق بتراجع الإقبال على القراءة لدى الأجيال الجديدة، شدد الخطيب على أن المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع والأبناء، ولا تقع على طرف واحد، مؤكدا أهمية تنشئة الأجيال على احترام اللغة والكتاب منذ الصغر، بما يسهم في ترسيخ الوعي الثقافي وتعزيز العلاقة بالقراءة.
أكدت الدكتورة عائشة الكواري أن صناعة الكتاب العربي تواجه تحديات تتجاوز حجم الإنتاج لتشمل التوزيع والتأثير والاستدامة، مشيرة إلى أن هذه الصناعة تمثل منظومة متكاملة تضم الكاتب والناشر والقارئ والسياسات الثقافية الداعمة. وأوضحت أن أبرز التحديات تتمثل في محدودية التوزيع وارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع معدلات القراءة، لا سيما لدى الأجيال الشابة، ما يستدعي إعادة هيكلة منظومة النشر دون المساس بجودة الإبداع العربي.
وأشارت الكواري إلى أن التجربة القطرية تقدم نموذجا داعما لصناعة الكتاب بفضل السياسات الثقافية والمؤسسات المعرفية، مؤكدة أهمية التحول الرقمي بوصفه فرصة لبناء نموذج نشر هجين يجمع بين الكتاب الورقي والرقمي. كما شددت على دور الجوائز الثقافية، ومنها جائزة الكتاب العربي، في رفع جودة المحتوى ودعم الكاتب والناشر، مؤكدة أن مستقبل صناعة الكتاب العربي مرهون ببناء القارئ وتعزيز القيمة والتأثير الثقافي.
يُذكر أن جائزة الكتاب العربي، ومقرها الدوحة، هي جائزة سنوية تُمنح للأعمال المؤلفة باللغة العربية في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية. وتهدف الجائزة، التي تبلغ قيمتها الإجمالية مليون دولار أميركي، إلى إثراء المكتبة العربية عبر تشجيع الأفراد والمؤسسات على تقديم إنتاج معرفي متميز، وتكريم الدراسات الجادة والتعريف بها، فضلا عن دعم دور النشر الرائدة للارتقاء بجودة الكتاب العربي شكلا ومضمونا.
تنقسم الجائزة إلى فئتين رئيسيتين: فئة الكتاب المفرد وفئة الإنجاز، وتشمل المجالات المعرفية التي تغطيها الجائزة: الدراسات اللغوية والأدبية، الدراسات التاريخية، العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، الدراسات الاجتماعية والفلسفية، المعاجم والموسوعات وتحقيق النصوص.

