بقلم الاديب المصري صابر حجازي
حينما نتامل واقع العصر الذي نعيش فيه الان فاننا نجد انتشار علامات النفاق
فما أكثر ما يكذب الإنسان على الناسّ حتى إنه ليكذب أحيانا على نفسه
وما أكثر ما يَعِد إنسان ولا يفي بما وعد، مع علمه السابق أنه لن يفي.
وما أكثر ما يخون موظف أمانة وظيفته فلا يؤدي ما اؤتمن عليه.
وما أكثر ما يبالغ الإنسان في خصومته مع غيره، فيكشف من سرِّ قريبه وصاحبه وصديقه وزميله
وفي حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن المنافقين يُعد تحذيرًا شديد اللهجة، حيث وصفهم النبي بأنهم أشد خطرًا على الأمة من الكفار المباشرين. والمنافق هو الشخص الذي يظهر الإسلام والإيمان باللسان، هذا النوع من الناس يُعتبر خطرًا كبيرًا على تماسك المجتمع ووحدته، لأنهم يتسللون بين المسلمين ويُفسدون من الداخل.
فالمنافق يتميز بعدة صفات، أبرزها الكذب، والغدر، وعدم الوفاء بالعهود. كما أنهم يميلون إلى إثارة الفتن والخلافات بين الناس، ويُحبون التلون في أقوالهم وأفعالهم حسب مصالحهم الشخصية. النبي صلى الله عليه وسلم وصفهم بأنهم "إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان".
المنافق يُلحق ضررًا كبيرًا بالمجتمع المسلم، حيث يُضعف الثقة بين أفراده ويُفرق بينهم.
وللتعامل مع المنافقين، يجب على المسلمين أن يكونوا حذرين ومتعرفين على علامات النفاق. يجب عدم الثقة بهم بشكل مطلق، وعدم إطلاعهم على الأسرار أو الثوابت الدينية والشخصية الهامة. كما يجب على المسلم أن يُحافظ على نقاء قلبه وصفاء نيته، ويبتعد عن الأخلاق السيئة التي قد تُميزه كمنافق.
أمثلة على المنافقين:
1. عبد الله بن أبي بن سلول: كان زعيمًا في المدينة المنورة قبل الإسلام، وبعد إسلامه أظهر الإيمان لكنه بقي يحمل في قلبه الكفر والعداء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وللمسلمين. كان يسعى لإثارة الفتن والشقاق بين المسلمين.
2. المنافقون في غزوة تبوك: عندما غزا النبي محمد صلى الله عليه وسلم الروم في غزوة تبوك، ظهرت نوايا المنافقين بوضوح، حيث تخلفوا عن المشاركة في الغزوة وأخذوا يُشككون الناس في قدرة المسلمين على مواجهة الروم.
والمنافق في العصر الحديث يمكن أن يكون موجودًا بيننا بأشكال مختلفة، وقد يظهر في مختلف المجتمعات والبيئات. إليك بعض الأمثلة على كيفية ظهور النفاق في العصر الحديث:
1. في السياسة: قد يظهر النفاق في السياسة عندما يُظهر السياسيون التزامًا بقيم ومبادئ معينة بينما يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية أو حزبهم السياسي. قد يُظهرون دعمًا لقضايا معينة فقط لجذب الأصوات الانتخابية.
2. في وسائل التواصل الاجتماعي: يمكن أن يظهر النفاق على وسائل التواصل الاجتماعي عندما يُظهر الأشخاص صورًا مثالية عن حياتهم بينما يعانون في الواقع من مشاكل وصعوبات. قد يُظهرون دعمًا لقضايا معينة أو يُعبرون عن آراء معينة فقط لجذب الانتباه أو الشهرة.
3. في بيئة العمل: قد يظهر النافق في بيئة العمل عندما يُظهر الموظفون ولاءً وتفانيًا في عملهم بينما يسعون في الواقع لتحقيق مصالحهم الشخصية أو الترقي في المناصب.
4. في العلاقات الاجتماعية: يمكن أن يظهر النفاق في العلاقات الاجتماعية عندما يُظهر الأشخاص صداقة أو محبة بينما يخفون مشاعر سلبية أو عداء تجاه الآخرين.
للتعامل مع النفاق في العصر الحديث، يجب على الأفراد أن يُحافظوا على نقاء قلوبهم وصفاء نياتهم. كما يجب على المجتمعات أن تُشجع على الصدق والولاء والتعاون، وأن تُعزز القيم الإيجابية التي تُساهم في بناء علاقات صحية ومجتمعات متماسكة.
التوبة من النفاق:
المنافق يمكنه أن يتوب ويعود إلى طريق الحق إذا ما أدرك خطأه وندم عليه بصدق. التوبة تتطلب الإقلاع الفوري عن النفاق، والرجوع إلى الله تعالى بقلب صادق، والعمل على تصحيح الأفعال والأقوال. يجب على المنافق أن يُصلح علاقته مع الله أولًا، ثم يُصلح علاقته مع الناس، ويُحسن الظن بإخوانه المسلمين.
ختامًا، يجب على كل مسلم أن يُحافظ على إيمانه ويبتعد عن كل ما يُورده إلى النفاق، وأن يسعى دائمًا لنشر المحبة والسلام بين الناس، والله تعالى هو الهادي إلى سواء السبيل.