المهندسة شهد القاضي
هناك ظلالٌ لا تتحرك، لكنها تحكي ألف حكايةٍ صامتة، قصصًا لم تُروَ، وصرخاتٍ لم تجد يومًا أذنًا تُنصت.. تقبع في الزوايا المعتمة، لا ضوء يكشف حقيقتها، ولا صوت يبوح بسرّها، تتنفس بصمتٍ كثيف، وتحدّق في الفراغ كأنها تنتظر أحدًا... أو تودّ لو لم يأتِ أحد.
لا تقترب منها.. لا تحاول لمسها.. فهي ليست ظلًا عابرًا لما مضى، بل بقايا أرواحٍ تشقّقت من فرط الألم، تاهت بين الخذلان والصمت، واختارت أن تختبئ بدلًا من أن تُفهم.
الظل الساكن ليس دائمًا هادئًا.. قد يبدو ساكنًا كالغبار على الرفوف، لكن في أعماقه بركانٌ خمد فقط لأن العالم ضاق به.. يحمل في داخله وجعًا متراكمًا، لا يُقال، ولا يُنسى.. وما تظنه هشاشة قد يكون جدارًا من الصلابة المهشّمة، ينتظر لمسةً خاطئة لينهار... أو ينفجر.
لا تلمس الظل الساكن، فقد تُبعث فيه الحياة من جديد، لا حياة الضوء، بل حياة الألم.. وقد يلتصق بك شيءٌ منه، يأخذك إلى حيث لا تُشفى، ولا تنجو، ولا تعود كما كنت.. بعض الظلال خُلقت لتبقى في الزوايا المعتمة، صامتة، بعيدة، منفية عن دفء الحضور، لأنها حين تُرى... تؤلم، وحين تُفهم... تُرعب.
لا توقظ ما اختار أن ينام..
ولا تلمس ما اختار أن يُنسى..
بعض الظلال ليست لك... وبعض القصص ليست للنور.