الكاتبة لمياء عويد
لم تكن قصّتهما كأيّ حكاية تُروى في سهرة،
ولا تُكتب على عَجلٍ في دفتر الذكريات.
كانت أقرب إلى ظلٍّ يمرّ كل يوم، يلوّح ثم يمضي،
تاركًا في الروح شيئًا يشبه الغصّة.
التقيا عند مفرق طريق.
هو، شابٌ في عينيه تعب المدن وخيبات المواعيد.
وهي، صبية تشبه الهدوء الذي يسبق المطر.
سارا معًا، لا متقابلين بل متوازيين.
الكلام بينهما نادر،
لكن الصمت كان مزدحمًا بما لا يُقال.
ربما حنين،
وربما شيء لم يكتمل اسمه بعد.
كان الطريق ممتدًا، كأن لا نهاية له.
لكن كل درب، مهما طال، لا بد أن يتفرّع.
وعند تشعّب المدى، توقّفا.
نظرة سريعة،
وقلوب حائرة.
لا كلمات، فقط اختيار.
هو مال جهة، وهي إلى أخرى.
لا خلاف، بل صمتٌ تواطأ مع الفُرقة.
عينان متعبتان، وابتسامة خافتة،
وقلب ينبض كوداعٍ لا يملك ملامح.
لم يعرف إن كان يحبّها،
ولم تعرف إن كانت تحبّه،
لكن الأكيد: أن في داخلهما وجعًا خاصًّا لا يشبه سواه.
ضحكته كانت تشعّ حين تفلت،
وهي، كانت تضيء إذا لامست نظراته.
لكن خلف هذا الجمال،
غصّة تسكن عميقًا.
لم يقل لها شيئًا،
ولا قالت له.
هو خبّأ مشاعره بين زوايا الوقت،
وهي خبّأت حزنها في تفاصيل الأيام،
وبقيت الدمعة شاهدة على ما لم يُقال.
"يا ريت بزمن غير هالزمن..."
همست في داخلها.
"ويا ريتك اجيتني بمكان تاني..."
قال في نفسه.
لم تكن بداية، ولا نهاية.
بل مرور…
كالعابرين الذين لا يتركون أسماء،
لكنهم يتركون أثرًا لا يُمحى.