حين ننسى أننا بشر: من أوصلنا إلى هذه القسوة؟



 بقلم: الصحفي عبدو التمكي


في زحمة العناوين، واختناق الأزمات، وتضخم الضجيج من كل جهة... يبدو أن شيئًا ما قد فُقد في الطريق.

ليس النفط، ولا المال، ولا السُّلطة.

بل شيء أعمق بكثير: إنسانيتنا.


لماذا أصبحنا نصرخ بدل أن نفهم؟

نهاجم بدل أن نحتوي؟

نكره بدل أن نتساءل: "ماذا لو كنت مكانه؟"


في كل حرب، نختار طرفًا.

في كل قضية، نُفتِّش عن "مذنب".

في كل خلاف، نرفع راية الحقيقة المطلقة.

لكننا لا نسأل أنفسنا: أين الإنسان من كل هذا؟


طفل يُشرَّد، فلا نراه إلا رقماً في نشرة الأخبار.

امرأة تُقصى، فنُسكت صوتها بـ "العيب" أو "القدر".

رجل ينهار بصمت، فلا يُعتبر ضعفه إلا عيبًا يُخفى.


هل أصبحنا نرتاح في إصدار الأحكام أكثر من مدّ الأيدي؟

هل أصبح الخلاف مبررًا للقسوة، والاختلاف حافزًا للكراهية؟


الكارثة الكبرى ليست في الفقر أو الجوع،


بل في انقراض التعاطف.


لقد أصبح العالم متخمًا بالصور، لكنه جائع للرحمة.

مليئًا بالأصوات، لكنه يفتقر إلى من يصغي بقلبه.


نحن لسنا أعداء. لسنا ملفات مفتوحة على مواقع التواصل. لسنا أرقامًا في استطلاعات الرأي.

نحن بشر. نحمل ذات المخاوف، ذات الرجاء، ذات الشوق إلى من يفهمنا دون أن يُديننا.


"الإنسان قبل كل شيء"


ليست جملة عابرة، بل صيحة إنقاذ.

صيحة تقول:

قبل أن تختلف معي، تذكر أنني إنسان.

قبل أن ترفضني، اسألني لماذا أنا هكذا.

قبل أن تحكم علي، جرب أن تعيش لحظة مكاني.


في زمن القسوة...

ليست القوة في أن ترفع صوتك، بل في أن تحافظ على قلبك دافئًا.


لعلنا إن تذكّرنا ذلك، سننجو — معًا.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology