وداع من القلب

  


  بقلم د.ساجدة العزام


ها أنا أكتب…

ولأول مرة، أشعر أنّ الحروف ثقيلةٌ على يديّ،

وأنّ الورق أضيق من اتساع الحنين.


أكتب، ولا أدري أأكتب لأودّع مكاني؟

أم أكتب لأعتذر لقلبي لأنّه يُنتزع من حضنٍ أحببته بصدق؟

هنا، في الكلية العلمية الإسلامية…

لم تكن الأيام مجرّد وقتٍ يمضي،

بل كانت عمرًا من الحب، من الصبر، من التفاصيل التي لا تُنسى.


إلى زملائي وزميلاتي، إلى من شاركوني الفرح والتعب،

من ابتسموا لي حين ضاقت بي لحظة،

ومن مشوا معي خطوة بخطوة…

أنتم لم تكونوا زملاء فقط، كنتم عائلة،

أمانًا في الزحام، وضوءًا حين خفت الطريق.


وإلى مديريتي العزيزة،

شكرًا لأنكِ لم تكوني يومًا مجرّد مديرة،

بل كنتِ قلبًا حنونًا، وصدرًا مفتوحًا للحب والنصح والدعم،

سأحمل كلماتك في قلبي،

وسأظل أردد دعاء الخير لكِ ما حييت.


وإلى كل من رافقني في هذا الدرب:

شكرًا لأنكم كنتم السبب في جعل أيامي هنا أجمل.

ضحكاتنا التي ملأت الممرات،

أحاديثنا في زوايا الاستراحة،

نظرات التفهم في لحظات التعب…

كلها لن تُنسى، أبدًا.


ويعزُّ عليَّ الفراق…

بل إنّ قلبي يتثاقل حين أقولها،

لكنني أسير نحو طموحي الكبير،

أحمل حلمي بين يديّ كطفلٍ لا يُفارقني،

أؤمن أنّ كل وداعٍ صادقٍ، هو بداية جديدة،

وبداية الحلم كانت دومًا تستحق بعض الدمع.


وسامحوني إن أخطأت بحق أحد منكم يومًا دون قصد،

فالقلوب أحيانًا تتعب، والظروف تُثقل،

لكن المودّة كانت وما زالت خالصة وصادقة.

دعواتكم لي هي الزاد الّذي أحتاجه،

فلا تبخلوا عليّ بها، كما لم تبخلوا يومًا بمحبتكم.


سأرحل، لكنّ قطعةً مني ستبقى هنا…

ستبقى في السبورة، في الدفاتر، في المقاعد التي جلستُ عليها وأنا أشرح وأحلم.

سأبقى بينكم، في دعواتي، في حنيني،

وسأحملكم معي في كل خطوةٍ جديدة.


فوداعًا ليس رحيلًا، بل امتدادٌ للحب في شكلٍ آخر.

وداعًا لا يُقال من باب النسيان،

بل من باب الامتنان العميق…

الذي يجعل القلب ينحني احترامًا لكل لحظة قضيتها بينكم.


وداعًا كليتي الحبيبة…

وداعًا من القلب، إلى القلب، إلى الأبد.


مع الحب، والدمع، والحلم، والرجاء،


إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology