بالونات السعادة.. حين نمنح الفرح لنفرح

  


بقلم الدكتورة مجدولين منصور 


في زحام الحياة، حين تتشابك الخطى وتضيع الملامح بين شتات الأيام، نُصاب أحيانًا بوهم كبير: أن السعادة تُقتنى وتُخزن، تُؤخذ ولا تُعطى، تُطلب ولا تُمنح.


لكن ثمة مشهد صغير في دورة تدريبية كشف الحقيقة الكاملة…


خمسون متدربًا حضروا وهم يظنون أن السعادة تكمن في المقاعد الأولى أو الشهادات أو عدد الكلمات التي يسطرونها في دفاترهم. وبينما كان المحاضر يتحدث، صمت فجأة، ووزع عليهم خمسين بالونة.


طلب منهم أن ينفخوها، أن يربطوها، أن يكتبوا أسماءهم عليها. وحين امتلأت الغرفة بالبالونات، طلب أن يبحث كل منهم عن بالونه.


بدأت رحلة البحث…

وتحولت الغرفة إلى فوضى من الأصوات والحركة والعشوائية.

خمسة دقائق مرت، ولم يجد أحد بالونه، ولم يتحقق أي انتصار فردي.


ثم طلب منهم شيئًا بسيطًا… أن يأخذ كل متدرب أي بالونة، ويهديها لصاحب الاسم المكتوب عليها.


وهنا… حدثت المعجزة.

في دقيقة واحدة فقط، كانت كل بالونة قد وصلت إلى صاحبها.

في دقيقة واحدة فقط، عادت الابتسامة، وعاد النظام، وشعر الجميع بالسعادة.


قال المحاضر حينها جملة لا تُنسى:

"السعادة كالبالونات… حين تبحث عنها لنفسك فقط، تضيع في الزحام، وحين تمنحها لغيرك، تعود إليك بكل صفاء."


فيا من تشتكي قلة الامتنان، قلة الوفاء، تذكّر:

لا تقل "فلان لا يعرفني إلا وقت الحاجة"، بل قل:

"الحمد لله الذي أكرمني بقضاء حوائج الناس."


فأنفع الناس، هم أحب الناس إلى الله،

والذين يُضيئون درب غيرهم، لا يمكن أن يعبروا الظلمة.


 وفي هذه الأيام، تذكّر أمهاتكم، زوجاتكم، أخواتكم، بناتكم...


تذكّروهن لا بهدية تُنسى، بل بابتسامة لا تُنسى،

بكلمة حب، بلمسة حنان، بعين ترى جمال عطاءهن وتمنحه الاعتراف.


قل لهن: "كل يوم وأنتن بخير، فالجنة تحت أقدامكن، والفرح يبدأ من وجودكن."


 فكن كالذي يحمل البالونة... لا ليفرح بها وحده، بل ليهديها لمن يستحق، لأن في عودتها... سعادته الحقيقية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology