بقلم مهندسة شهد القاضي
من أذن لهم أن يفتشوا في الزوايا المظلمة من أرواحنا، أن يقلبوا أوراقنا القديمة كأنهم حرّاس الحقيقة ونحن غرباء عنها؟
من قال إن الدمع الذي خبأناه خلف ابتسامةٍ عابرةٍ، مباحٌ لهم أن يكشفوه، أو أن يوزعوه على موائد ظنونهم باردة الفهم؟
يا صديقي، إن في القلب متاهاتٍ لا يصلها أحد، متاهاتٌ إن أُغلِقت أبوابها أزهرت أرواحنا، وإن فتحناها بلا حذرٍ تسللت منها كل ريحٍ عابرةٍ فاقتلعت منا الطمأنينة.
لسنا ملزمين بأن نعلق أسرارنا على مشاجب الآخرين، ولا أن نبرر خيباتنا، ولا أن نشرح أسباب حبٍ مات، أو حلمٍ وئدناه قبل أن يكبر.
ما بين أضلعنا مملكةٌ لنا وحدنا، مفتاحها بيد من نختار له أن يسكن حناياها، لا بيد متطفلٍ يستجدي الفضول باسم النصيحة أو الفضيلة.
دع الناس يظنون، دعهم يحاكمون ظلالك الهاربة من نورك، دعهم يتهامسون بأنك صامتٌ أكثر مما ينبغي، وغامضٌ أكثر مما يُحتمل... فليظنوا ما يشاؤون، ما داموا عاجزين عن اقتفاء أسرارك في أعماقك، وما دامت نيتك طاهرة لا تحتاج شهودًا على صدقها ولا قضاةً يحاكمون صمتها.
اصنع من قلبك محرابًا لك وحدك، صلِّ فيه على طريقتك، وابكِ على طريقتك، واغفر على طريقتك... ولا تسلم مفاتيحه لمن يرى نفسه وصيًا عليك باسم المحبة أو الرأي أو الفضيلة... فالمحبة الحقة تحرس السر، ولا تقتحمه.
أما أولئك الذين لا يطيقون غموضك، فدعهم في صخبهم... فما خُلقت الأسرار إلا لتنجو من أفواهٍ ضاقت بها الصدور.