بقلم: دلال جواد الأسدي
لنص النثري: يا سائلي عن الهوى
العنوان
يا سائلي عن الهوى
صيغة بيانية مألوفة في الكتابة النثرية والشعرية، مع يا النداء تتوج المعنى المنطوي في النص بتوجه الحديث لفئة معينة من الذين يلقون اللوم أو يسمحون لأنفسهم في التطفل على حياة الآخرين أو التدخل في شؤون لا تعنيهم.
الشكل العام (المقدمة)
نص يكاد يُسمى مناجات العاشق للمحبوب، مع شرح المحيط والملامة والسؤال ومزيج من وجدانية عالية بوصف ألم العشق بالقرب ولوعة الفراق.
كلها تشبيهات بالغية تتكأ على عمق الشعور في بيان مدى تأثير قوة هذه المشاعر داخل الروح مع تأثير الآخرين.
الضمير
النص مكتوب بضمير المخاطب، كأنه أطلق خطابًا على جماعة بتوجيه البوح.
2
الانفعالية
يا سائلي عن الهوى
بعض مواضع النص تشعر أن النص انفعالي من روح الكاتب، وتفريغ قوة مشاعر متدفقة في عدد من المواضع.
أولًا: الانفعال النفسي الأول
خطاب لمن يسأل عن الهوى وما تأثيره في نفس المتحدث الذي يخاطب من يسأل:
أعمى الله بصراً، سخر من أقداري.
ثانيًا: الانفعال النفسي
نحو ارتفاع موجة الحديث نحو الدعاء على من يتهم أو لا يقدر لوعة القلب أو يلوم أو يسخر، تتوجه نحو توعية ليس للبصر بحد ذاته، لكن تخضعه وتحجمه أمام القدر الذي يكتبه الله تعالى.
ثالثًا: الانفعالية البيانية
شربت من العشق حتى أرتويت،
كما يرتوي الظمأن
بماء واحة في الصحاري.
ولما أفل النجم،
اعتل خافقي بسقم ما له مداوي.
انفعالية بيانية تميل نحو الركازة بشكل أكبر على البوح بعمق الشعور ومدى الألم وتفرع وتداخل التشبيهات الجمالية والبديعية.
هذه المقطعية تمثل أساس النص الذي يتحد مع وحدة الموضوع وجوهره في شرح العشق وعمق الألم بكل بساطة، وما يرافقه من تشبيهات ليس لتثقيل النص، لكن لتسهيل إيصال صورة مشهدية شعورية وجدانية للقارئ وجعله مشاركًا في عملية صنع الحدث بسيمائه الصورية للمنهج التأملي أو الرمزي في التحليل، وتتجه بمعنى قوة الألم والحدثية في الفراق المرغم الذي ليس له علاج في وقت من الأوقات.
يا ريماً حل بساحنا ثم أرتحل
أسرتي قلبي وسهم العشق فيه نزل
غيابك أصاب نفسي العليلة بمقتل
هذه المقطعية جاءت مكثفة في بيان روعة المحب والصورة الجميلة له في الخاطر والروح، ولكن الهجر والبعد أرهق النفس وأعيها حتى تشبه بالقتيل.
تشبيهات الأضداد للقرب والبعد
شبه الكاتب علي قرب المحب كحالة من العطش والارتواء، والظمأ الشديد، وإيجاد واحة ماء في صحراء، إشارة لمدى الاحتياج وتملكها للقلب واجتياحه من كل الجوانب وتملكها للقلب والروح حد الاكتفاء.
((شربت من العشق حتى أرتويت،
كما يرتوي الظمأن
بماء واحة في الصحاري.
يا ريماً حل بساحنا
أسرتي قلبي وسهم العشق فيه نزل))
لكن لدينا الأضداد، عكس القرب البعد، وأيضًا برع الكاتب في بيانه ووصف دقيق لما أحدث داخل الروح.
جعل الكاتب علي أفل النجوم متصل بالمحبوبة كما يمد النجوم السماء بالضوء والجمال والزينة، هكذا وصفها، وغيابها هكذا يحدث شرخًا ونقصًا، وكذلك وصف بالسقم والمرض القاتل.
(((ولما أفل النجم،
اعتل خافقي بسقم ما له مداوي،
غيابك أصاب نفسي العليلة بمقتل.)))
3
النهاية
الجملة الأخيرة أشعرتني أن للنص تتمة، كأنه لم يكتمل، واستغربت قراءة آخر جملة في النهاية.
هنا النص لم ينته بنهاية مفتوحة تترك لفكر القارئ، وهذا مباح، لكن يمكن إضافة خاتمة تكمل بوصف الشعور النهائي مواكبة لتسلسل الشعور في النص.
مثال:
كتبت لحضرتك تكملة تمثل الخاتمة من محبرة قلمي:
غيابك أصاب نفسي العليلة بمقتل
(((ولم تزل الروح بمحرابك ترتل حبك على أمل النجاة وشفاء هذا العليل المكبل))).
الرأي الخاص
نص نثري مكثف في التسلسل الشعوري بمختلف الموجات الانفعالية، مرتكز على التشبيهات والاستعارات وظفت لتقريب المعنى.
النهاية لم تكن مكتملة، جعلت النص يظهر منقوصًا، ممكن معالجته بإضافة خاتمة تكمل بوصف الشعور النهائي مواكبة لتسلسل الشعور في النص، وتم كتابة مثال على ذلك.
نص وجداني شعوري عميق، يوصف الشعور والألم والفراق، ويتمنى الوصل ويطالب به من خلال المعنى العام للنص وما ورد منه من بيان.
4
يا سائلي عن الهوى. نثر حر
يا سائلي عن الهوى
ألا تدري بسؤالك ،من حالي.
أعمى الله بصراً ،سخر من اقداري.
شربت من العشق حتى أرتويت،
كما يرتوي الظمأن
بماء واحة في الصحاري.
ولما أفل النجم .
إعتل خافقي بسقم ماله مداوي
يا ريماً حل بساحنا ثم أرتحل
أسرتي قلبي وسهم العشق فيه نزل
غيابك أصاب نفسي العليلة بمقتل
بقلم علي عثمان المحمد
