تناقض واختلال

 

 


بقلم لبيب عتيق

سَكِرْنَا وَمَا كُنَّا مِنَ السَّاكِرِينَ، فَمَا رَشَفْنَا الْخَمْرَ وَلَا ارْتَوَيْنَا،

وَلَكِنْ مِنْ هَذَا الْعَجَبِ الَّذِي ما قَدْ مَرَّ عَلَيْنَا، تَأَرْجَحْنَا وَهْدَيْنَا فَخَتَلَ كِيَانَنَا وَخَتَلَّيْنَا.


أَيَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ؟ قُلْنَا سَأَليْنَا، قَالُوا: مِمَّ تَتَعَجَّبُونَ وَمَا تَعَجَّبْنَا مِنْهُ، هَكَذَا رَدُّوا عَلَيْنَا،

قُلْنَا:وَكَيْفَ لَكُمُ الْعَجَبُ وَأَنْتُمْ هُمُ الْفَاعِلُونَا؟ قَالُوا: وَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا... فَأتُوا بِآيَةٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَا.


قُلْنَا: آيَتُنَا قَوْلُنَا وَقَوْلُكُمْ، نَسْتَشْهِدُ بِهِمَا الْعَاقِلِينَا،

فَأَقْبَلَ الْعُقَلَاءُ عَلَى عَجَلٍ لِلْأَمْرِ مُتَدَارِكِينَا، وَإِلَيْنَا وَلِنَجْدَتِنَا مُسْرِعِينَ مَهْرُولِينَا،

فَلَمَّا لَاحُوا لَنَا تَفَاءَلْنَا خَيْرًا وَقُلْنَا:نَحْنُ الْغَالِبُونَا، نَحْنُ الْعَالِينَا.


فَاسْتَشْهَدْنَاهُمْ فَقَالُوا: الْحَقُّ مَعَهُمْ، وَلَسْتُمْ بِالْكَاذِبِينَا!

فَإِنْفَرَدْتُ بِأَحَدِهِمْ مُسْتَفْهِمًا! قَالَ: وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَا...

قُلْتُ:قَالُوا سَلَامًا، قَالَ: هَذَا مَا لَمْ تَكُونُوا لَهُ فَاعِلِينَا!؟


فَفَهِمْتُ حِكْمَتَهُ، وَسَأَلْتُهُ: فَمَا بَالُنَا بَتْنَا هَكَذَا مُتَهَاوِنِينَا، لِلْخَيْرِ رَافِضِينَا، وَكَثُرَ السُّوءُ فِينَا، فَمَا عُدْنَا مُبَالِينَا، وَفِينَا الْقَائِمُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَا، وَالْمُسْتَغْفِرُونَ الْمُسَبِّحُونَ الْقَانِتُونَا.


فَتَبَسَّمَ فِي وَجْهِي وَأَنْشَدَ قَائِلًا:


كَثُرَتْ مَطَالِبُنَا قَلَّتْ مَسَاعِينَا

وَسِعَتْ فَوَارِقُنَا ضَاقَتْ حَوَالِينَا

عَظُمَتْ مَشَاكِلُنَا صَغُرَتْ أَمَانِينَا


تَجَبَّرَتْ سَادَتُنَا عَلَى الْفُقَرَاءِ الْمَسَاكِينَا

فَزَادَ الظُّلْمُ بِنَا فَلُقِّبْنَا بِالظَّالِمِينَا


فُخِّمَتْ مَسَاجِدُنَا رَاءَى الْمُصَلُّونَا

خَسِرْنَا بَرَاءَتَنَا كَسَبْنَا مَلَاهِينَا

شَهِدْنَا عَدْلَنَا زُورًا فَسُمِّينَا كَاذِبِينَا


غُرِّتْ جِبِلَّتُنَا قُدِّسَتْ مَشَاهِينَا

صُبِئَتْ فِطْرَتُنَا فَصِرْنَا مِنَ الضَّالِّينَا


وَحِينَ أَرَدْنَا تَدَارُكَ حَالِنَا لَمَّا تَفَاقَمَ الْأَمْرُ عَلَيْنَا

زُوِّرَنا حَقِيقَتُنَا فَخُسِفْنَا قِرَدَةً مَجَانِينَا

صَارَ أَمْرُنَا ضَنَّا فَخَسِرْنَا الدُّنْيَا وَالدِّينَا



إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology