ارتواء

 


 

الكاتبة : نقاء أحمد طوالبه 



لأنَّ القُرب بين النهرين

كان أعلى من إدراك المسافة،

تردّد الضوء عند الحافة

كأنه ينتظر من الصمت

أن يفتح جهةً للمطر.


في اللحظة التي لامست فيها العلامةُ البياض،

انفلت من الأصابع

ليلَكٌ لا يرتدي شكله،

وتجمّع في الكفّ

فضاءٌ يشبه حديقةً

تتذكّر نفسها على مهل:

رائحة ياسمينٍ تعود ،

نَبْضُ ليمونٍ يتلمّس الهواء،

وأوراقٌ تنتمي لشجرةٍ

لم تُكتشف بعد.


ما سال في السطور

لم يكن حبرًا،

بل أثرًا يفتّش عن مصدره،

يمشي فوق البياض

كما تمشي الينابيع

إلى مكانٍ لم يُمنح اسمًا.


وعلى خطّ اليد،

مرَّ عبيرٌ

كان في هيئة ريحانٍ

ثم صار طريقًا،

يتقدّم نحو مساحةٍ

لا تتّسع للتسمية،

ولا تُقام فيها حدود

بين القلب والوعي والظلّ.


وعند اكتمال الدائرة،

أضاءت الكلمات

بضوءٍ لا يصدر من معنى،

وتلألأ الصمت

كأنه سرٌّ أخير

لم يكتمل الإفصاح عنه.


ومن بين كلّ ذلك،

أزهرت الفكرة

كأول ورقة لوزٍ

تستيقظ من خفائها،

مضاءةً بما يكفي

لترشد،

ومبهمةً بما يكفي

لأن تبقى.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology