بقلم/ د. سامية كيحل سفيرة التحدي و السلام
------------
في كل مرحلة من حياتنا، نصادف وجوهًا تحمل لنا دروسًا قاسية وأخرى تمنحنا دفئًا لا يُنسى. نتعلق أحيانًا بأماكن وأشخاص، نظن أنهم الأمان، حتى نكتشف أن بعضهم ليسوا إلا محطات مؤقتة علينا تجاوزها.
ليس كل من بدأ معنا الرحلة سيكمل الطريق، وليس كل من شاركنا الضحك سيحمل عنا الألم.
لهذا، علينا أن نملك شجاعة الرحيل حين يخذلنا المكان أو يخذلنا الرفاق... فالقلوب الهشة لا تحتمل الخذلان المتكرر، والأرواح الحرة لا ترضى بالقيود.
في رحلة الحياة، نمر بالكثير من العلاقات والمواقف التي تترك في أرواحنا آثارًا لا تُمحى. بعضهم يكسر فينا شيئًا عزيزًا، وبعضهم يخفت وهجنا دون أن يشعر. لذلك، من الحكمة أن نغادر كل من أطفأ نورنا أو خذلنا، دون أن نمنحهم حديثًا آخر، أو نشاركهم مكانًا لم يعودوا يستحقونه.
علينا أن نعبر بقلوبنا إلى أماكن آمنة؛ أماكن تحترم مشاعرنا وتقدّر وجودنا. فالسعادة التي فقدناها في مكان ما، لن نجدها بالبحث في نفس المكان الذي جرحنا.
ووسط كل هذا، تذكر أن كرامتك هي أثمن ما تملك.
لا تسمح لأحد أن يقلل من قيمتك، أو يجعلك تشعر أنك أقل مما أنت عليه.
الكرامة ليست ترفًا، بل هي حق أصيل، وجدار يحمي قلبك وروحك من الانكسار.
لا تبقَ حيث تُهان، ولا تجادل في مكان فقدت فيه احترامك.
ارحل بكرامتك مرفوع الرأس، فثمن البقاء في أماكن لا تليق بك، غالبًا ما يكون خسارة لنفسك.
كما أن الطيور لا تطير إلا مع أسراب تشبهها، نحن أيضًا لا نستطيع التحليق إلا مع من يشبهنا في الروح والقلب. ابحث عن سربك الحقيقي، عن أولئك الذين يلتقطونك إذا تعثرت، ويقفون إلى جانبك حين تضعف.
أما من لا يشبهونك، فلن يروا فيك إلا فرصة للالتهام حين تسقط. لا تمنحهم هذه الفرصة.
حافظ على قلبك، واحمِ جناحيك، وطِر دائمًا نحو حيث تجد ذاتك بين قلوبٍ تشبهك وتحبك كما أنت.
الحياة قصيرة وأثمن مما نظن، فلا تهدرها مع من لا يقدّر نبض قلبك ولا يفرح لضيائك.
اصنع لنفسك مساحتك الآمنة، واختر بحكمة من تمنحهم حق السير معك في دربك.
لا تخشَ الرحيل حين يكون البقاء خيانة لذاتك... ولا تتردد في الطيران نحو السرب الذي يحلق بك أعلى مما كنت تحلم.
فالسعادة الحقيقية ليست في عدد من حولك، بل في صدق قلوبهم معك.
ابحث عن سربك...
وسـتحلق عاليا، حرا، خفيفا، كما خُلقت لتكون.
> **"كرامتك ليست خيارًا... بل حياة."**