حين أطفأ المال نور الحرف



المهندسة شهد القاضي 

في زمنٍ تُقاس فيه القامات بكم يملكون، ويُهمَّش فيه العقل لصالح البهرجة… تاهَ العلم وسط ضجيج العملات، واختفى صوت الحرف تحت وقع الذهب.


كأنّ أول ما نزل من السماء لم يكن: "اقرأ"… بل "اجمع، وامتلك، وتفاخر".


لكن، يا من تبهرهم الأصفار قبل الأثر… هل يُقيم المال جسرًا نحو الحكمة؟ هل يزرع عقلًا، أو يصنع ضميرًا؟ هل يُرَبِّي حلمًا؟ إنه العلم… وحده من يفعل.


العلم ليس رفاهيةً لأصحاب الوقت الفارغ، ولا زينةً على الرفوف.. هو جوهر الحياة… هو من يصنع من التراب وطنًا، ومن الفكرة اختراعًا، ومن الإنسان… إنسانًا بحق.


المال يشتري لك ساعةً فاخرة، لكن العلم هو من يعلّمك قيمة الوقت.. المال يُعطيك كتابًا، لكن الفهم… لا يُمنح، بل يُنتزع بالجهد والصبر.


التعليم لا يُزاحم المال… بل يُهذّبه، يوجّهه، يجعل منه نعمة لا نقمة.. فمن تعلّم، عرف حدود القوة.. ومن جَهِل، أساء حتى وهو يملك الأرض ومن عليها.


فلا تستبدل نور العقل ببريقٍ زائل… ولا تجعل من نفسك رقمًا في قائمة، كن فكرًا، كن أثرًا، كن بصمة.


اقرأ… ولو لم تجد وقتًا، تعلّم… ولو لم تجد تشجيعًا، واصل… ولو وقفوا في طريقك.


فالعقول النيّرة هي من تبني الغد… أما المال، فهو تابع… لا قائد.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology