أن ترث المعنى



للكاتبة سماء الزعانين

من أمام رقعة الشطرنج


وقفتُ متأمِّلةً في وسطِ اللعبةِ،

حيثُ الجنودُ يُساقون بلا إرادةٍ،

والقلعةُ تحرسُ حدودَ الخوفِ.


ابتسمتُ لملكٍ حُبسَ بين ظلالِ الأبيضِ والأسود،

ولوزيرٍ يُفكِّر كثيرًا، وهو عاجزٌ عن تغييرِ رقعته،

ولفيلٍ لا يرى إلا طلقةً بيدِ الخصم،

ولحصانٍ يقفزُ في مسارٍ مكرَّرٍ فُرض عليه، ولا يملكُ القدرةَ على تغييره.


رفعتُ يديَّ عن القطعِ،

فما كان بيدي أن أُعيد تشكيلَ الكون،

أو أُزيلَ مُلكًا لم يَحنْ وقتُ زواله،

أو أُغيِّرَ تفكيرَ قطعةٍ في ساحةِ الحياة، وأمنعها من أن تُساق.

لا أملكُ سوى نفسي...

أطلقتُ صرخةَ السكون:

"أنا... لن أكونَ جزءًا من لعبةٍ تُلعَبُ بي!"


تفتَّحت أمامي أبوابُ اللاحدود،

حلَّقتُ فوق اللوحِ، نظرتُ إليه من بعيد،

رأيتُ السلامَ واللاخوفَ،

والألوانَ التي لا تُشبه شيئًا ممَّا كنتُ أعرف.

كان اللهُ دهشةً كبيرة،

وأنا... قطعةٌ كونيةٌ تُمسكُ بنردِ الرحمةِ.


وفي اللحظةِ التي ظنَّت فيها اللعبةُ أنني مهزومةٌ،

لمعت في عينيَّ نجمةُ الحكمةِ،

فأيَّدتني بأن أكون خارجَ قوانينِها،

عارفةً أن النصرَ الأعظم

هو أن أُدركَ أنني لستُ جزءًا من رقعةٍ، بل أنا من يرثُ معناها الأبدي.



إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology