المهندسة شهد القاضي
لا تُغرّك الكلمات اللطيفة، تلك التي تُقال في اللحظات السهلة، على موائد الضحك، أو في مواسم الحضور الوفير.. فالعالم امتلأ بألسنة تنطق بما لا يفعله القلب، وبقلوب تنأى عن الفعل حين تُختبر المحبة في المواقف الصعبة.
قد يقول أحدهم: "أنا هنا لأجلك"… ثم يرحل في أول عاصفة، وقد يعدك آخر بأن يحمل عنك الأحمال، فإذا احتجته، أخبرك أن ظهره قد انحنى تحت ثقل مشاغله.
الحقيقة؟
لا أحد هنا لأحد، مالم يُثبت الزمن غير ذلك.. لا تصدق النوايا التي لم تُترجم إلى موقف،
ولا تُراهن على من يكتفي بالكلام… فالحديث رخيص، لا يُكلف شيئًا، لكن الفعل؟ الفعل مكلفٌ… الفعل اختبار.
جرب أن تسقط مرة، وراقب من الذي يمد يده، لا من يكتب لك "سلامات" في تعليق.
جرب أن تحزن، وراقب من الذي يأتي دون أن يُدعَى، لا من يسألك "كيفك؟" ثم يختفي قبل أن يسمع الجواب.
الحب؟ لا يُثبت بالوعود، بل بالصبر.
الوفاء؟ لا يُثبت بالحضور، بل بالثبات.
والصدق؟ لا يُعرف من نبرة الصوت، بل من أثر الخطى.
أحيانًا، أكثر من يحبك، لا يقول شيئًا… فقط يفعل، يصمت، ويكون حيث يجب أن يكون..
لا يطلب الامتنان، ولا يشهر لك أنه فعل كذا لأجلك.. هو فقط يفعل، لأن النُبل لا يحب الضجيج.
لا تسأل أحدهم إن كان يحبك… راقب فقط، من الذي يجيء كلما احترقت… من الذي يشبه المطر، لا يطرق بابك، لكنه دائمًا يصل حين تجف روحك.. ومن الذي يختفي، كلما قلت: "أنا بخير"، بينما وجهك يقول العكس.
ثق بشيء واحد:
وحدها الأفعال تقول الحقيقة،
وحدها تُثبت من كان، ومن تظاهر…
وحدها تُري قلبك من يستحق البقاء فيه،
ومن كان مجرّد ظل، يختفي حين تختفي الشمس.