بقلم عبدالله عنان
"أين العرب؟! أين المسلمون؟!" صرخة انطلقت من حنجرةٍ أنهكها الجوع، لا من حلقِ صحفي يبحث عن سبق صحفي، بل من @أنس الشريف. ، أحد أبناء غزة، أحد من يأكل القهر كلّ يوم، ويُطعم الكاميرا من بؤسه لتُخبر العالم أن المجاعة ليست مشهدًا دراميًا، بل حقيقة تُنهش في لحم الناس حيًّا! قالها أنس: "لم نعد نريد دعمكم السياسي أعطونا طحينًا نطهو به صبرنا!" "لم نعد نريد الشجب والإدانة... نريد رغيفًا يسند الحياة!" ولكن من سمع؟ من لبّى؟ لا أحد. العرب ما زالوا مشغولين بترتيب كراسيهم، وتلميع عواصمهم، وتهذيب بياناتهم… وغزة؟ فلتأكل الريح والتراب! المجاعة ليست خبرًا. إنها فضيحة! من تحت أنقاض البيوت، ومن بين جثث الأبرياء، ومن قلب العتمة، نطق أنس الشريف يناشد الضمير العربي، لكن الضمير كان في إجازة هل تصدقون؟! في القرن الحادي والعشرين، هناك أطفال يموتون جوعًا في غزة! وليس لأن الطبيعة قاسية، بل لأن الإنسان العربي أكثر قسوة منها! أيها العرب.أهذا جيل النكسة أم النكبة أم ماذا؟! هل وصل بنا العجز أن صحفيًا يناشد باسم شعب بأكمله، وأنتم لا تملكون إلا التصفيق في المؤتمرات؟ هل بلغ بكم الانحدار أن تسكتوا على مجاعة تُذلّ 2 مليون إنسان، وأنتم تُكدّسون الموائد في حفلاتكم الموسمية؟ غزّة اليوم لا تريد سلاحًا، بل وجبة تسند الأمعاء الخاوية! لا تطلب خطابات، بل قلوبًا حية تتحرك! حين تصرخ غزة. والعرب يتثاءبون، أنس الشريف صرخ. ليس لاحل عائلته فقط، بل لأجل كلّ أب يرى أبناءه يذبلون أمامه، لأجل كلّ أمّ تُغلي الماء كي تخدع أبناءها بأن هناك عشاء ينتظرهم. فمن يردّ؟ الجامعة العربية؟ صدى لا يُسمع إلا في الفراغ. الزعماء؟ تغطية على العار بابتسامات دبلوماسية. الشعوب؟ محبوسة خلف حواجز الخوف أو مقصلة التضليل. غزة لا تموت بالرصاص فقط، بل بخذلانكم! نحن لا نعيش نكبة جديدة، بل نعيش جريمة معلنة، عنوانها: تآمر العالم، وصمت الجيران، وانكسار الإنسان. أين أنتم من صرخة أنس؟ هل ماتت في طريقها إليكم؟ أم أنكم دفنتموها مع الكرامة في مقبرة الصمت الأبدي؟ أبن الشريف صرخ. فهل من مجيب؟ غزّة تجوع. فهل من قلب؟ المقاومة تقاتل. فهل من نخوة؟ لن يغفر التاريخ لكم صمتكم، ولن تنسى الأجيال كيف فضّلتم الموائد على الأرواح، والجبن على الكرامة، والسكوت على النصرة. غزة الآن لا تكتب رسائل سلام، بل وصايا جوعى، يطلبون فيها من الله أن لا يخلد من خذلهم!