بقلم قمر عبدالرحمن
كانَتْ تَحلُمُ دَائِمًا أَنْ تَقِفَ أَمامَ عَدَسَتِهِ، لا كَأَيِّ عَرُوسٍ، بَل كَلَوحَةٍ مِن ضَوءٍ يَسكُبُهُ مُحَمَّدٌ عَلَيها بِعَينَيهِ قَبلَ كامِيرَتِهِ. وَعَدَها أَنْ يَصنَعَ لَها زِفافًا لا يُشبِهُ سِوَاهُ؛ أَنْ يُزَيِّنَ اللَّيلَ بِالنُّجُومِ الَّتِي طالَمَا الْتَقَطَهَا، وَأَنْ يَجعَلَ مِن ضِحكَتِهَا مُوسِيقَى يُرَدِّدُهَا المَكَانُ. قَالَ لَهَا: "حِينَ تَهدَأُ الحَربُ سَنَصنَعُ عِيدًا لَنَا وَحدَنَا، نَسرِقُ سَاعَةً مِنَ العُمرِ لا يَسمَعُ فِيهَا العَالَمُ سِوَى دَقَّاتِ قَلبَينَا"
لَكِنَّ الحَربَ أَسرَعُ مِن كُلِّ الوُعُودِ. صَارُوخٌ وَاحِدٌ كَسَرَ الحُلمَ، وَخَطَفَ مُحَمَّدًا كَمَا يُخطَفُ الضَّوْءُ فِي آخِرِ الغُرُوبِ. بَقِيَتْ هِيَ وَحِيدَةً، تُحَاوِرُ صُورَتَهُ المُعَلَّقَةَ عَلَى الجِدَار، وَتَعِدُهُ بِصَوتٍ مُرتَجِفٍ: "سَأَرتَدِي الفُستَانَ، وَلَو أَمَامَ الغِيَابِ. اِلْتَقِطنِي بِعَينَيكَ مِنَ السَّمَاءِ، فَأَنَا عَروسُكَ… حَتَّى وَإِن لَم يَأتِ العُرس"