عندما يكون الكاتب متمكنا من أدواته الكتابية يكون دقيقًا في الإختيار. كتب الكاتب الأردني هزاع البراري

 


 

رؤية نقدية بقلم الكاتبة والناقدة منال العبادي


هذا النص "يتفقد الموت المدينة

الأشلاء تنمو

الحزن واقف على العتبات" 


وعندما توقفت عنده تبادر لي السؤال الذي يطرح نفسه هل استخدم الكاتب الأنسنة في نصه ؟! 


فكانت الإجابة تحتاج لدقة متناهية وهي أن الكاتب استعمل "الأنثروبومورفي" وهناك علاقة قوية جدًا بين المفهومين، ويمكن القول إن بالأنثروبومورفي هو شكل من أشكال "الأنسنة"، لكن مع وجود فروق دقيقة في الاستخدام. 


وهناك أوجه تشابه فالهدف المشترك أن كلا المفهومين يتعلقان بـ إضفاء الصفات البشرية على غير الإنسان.

ولهما المجال المشترك نفسه كلاهما يستخدمان في الأدب والفن والفلسفة.


لكن هناك فروقا دقيقة بينهما ومن هذه 


"الخاصية" فهي "بالأنثروبومورفي" أوسع مجالا من الأنسنة فهو يشمل الحيوانات، الآلهة، الظواهر الطبيعية، الأشياء غالبًا ما يركز على تأنيس التكنولوجيا والآلات والأنظمة والاستخدام أدبي، فني، ديني، أسطوري فلسفي، تكنولوجي، اجتماعي وغالبًا شكلي وسلوكي (منح شكل أو سلوك بشري) وأحيانا وظيفي وقيمي (منح حقوق أو معاملة بشرية). 


ولنعط بعض الأمثلة على ذلك بالأنثروبومورفي مثلا :


· "القطة تفكر في أمر ما" ← نعطيها فعل بشري (التفكير)

· "الشجرة تحتضن البيت" ← نعطيها فعل بشري (الحضن)

· "الحزن واقف على العتبات" ← تجسيد بشري لمفهوم مجرد


أما في الأنسنة:


· "يجب منح الروبوت حقوقًا إنسانية" ← معاملة كإنسان في الحقوق

· "هذا النظام لا إنساني" ← نقد لغياب القيم البشرية

· "تأنيس الذكاء الاصطناعي" ← جعله يشبه الإنسان في التفكير. 


نعود للنص عندما نقول: "الحزن واقف على العتبات" - هذا أنثروبومورفي (لأننا جسدنا الحزن في صورة بشرية واقفة).


ولكن إذا قلنا: "الحزن يستحق الاستماع له" - قد يكون هذا أقرب للأنسنة (لأننا نعامل العاطفة معاملة أخلاقية بشرية).


نتوصل من خلال السابق بأن كل أنثروبومورفي هو أُنسنة، ولكن ليس كل أُنسنة هي أنثروبومورفي.

ومنها  هو تحويل غير الإنسان ليشبه الإنسان في الشكل أو السلوك.

أما الأنسنة هي منح غير الإنسان صفات أو حقوق أو معاملة إنسانية.


فالنص استخدم "أنثروبومورفي" كأداة أدبية قوية لخلق صورة شعرية مؤثرة، وهي نوع متخصص من أنواع الأنسنة الفنية، فكان الكاتب دقيقًا في توجيه كلماته مستعينا بأدواته وحسه الأدبي. 



إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology