بقلم بلعربي خالد _ هديل الهضاب
المقدمة
إلى أولئك الذين يعملون في الخفاء،
إلى القلوب التي لا تبحث عن ضوءٍ ولا منصّة،
بل تبحث عن أثرٍ يبقى في حياة الإنسان.
إلى المتطوعين في المؤسسات الخيرية والجمعيات التي تحمل رسالة السلام،
وتؤمن بأنّ الإنسانية تُصان بالفعل قبل القول،
وبأنّ الركض نحو الخير هو الطريق الوحيد الذي لا يضلّ صاحبه.
إليكم…
إلى من يلمّون الجراح ليلًا،
ويجمعون الأمل نهارًا،
ويحملون همّ الناس كأنه همّهم،
أُهدي هذه القصيدة؛
علّها تعكس جزءًا من نوركم الصامت،
وتقول للعالم إنّ هناك مَن يعملون بصمت… كي لا يسقط الإنسان من قلب الإنسانية.
القصيدة
نمشي ولا نطلبُ شكرًا،
ولا نبتغي مجدًا من عابرين،
نحملُ نوايانا خفيفةً،
ونجعل الخير وحدهُ دليلَ الطريق.
وإن اتّهمنا البعضُ بظنونهم،
فاللهُ أعلمُ بما في الصدور،
وأعلمُ بخطىً ثبتت فوق أرضٍ
كانت تختبر صبرنا كلَّ فجرٍ جديد.
سنمضي…
فالتاريخُ لا يكتبُ أسماءَ المنتصرين فقط،
بل يذكرُ الذين حفظوا نقاء ضمائرهم،
وحملوا قلوبهم مصابيحَ صغيرة
تُقاومُ ليلًا طويلًا لا يريد أن ينتهي.
ويذكرُ أننا أخفينا الحقيقة مثل جمرٍ دافئ،
نقلبه في صدورنا كي لا ينطفئ،
ونواجه بردَ العالم
وصقيعَ كلماته التي لا ترحم.
ويذكرُ أننا مشينا مثقلين،
لكننا لم نساوم على مبادئنا،
ولم نلقِ أثقال أرواحنا
إلّا على كتف الصبر.
ولما ساوم غيرنا على مبادئه،
كنّا نُرمّم ما تبقّى من إنسانيتنا،
كي لا نضلّ الطريق…
ولا نُسلّم أرواحنا لهاوية الضياع.
فالطريقُ — وإن طال —
لا يأخذ منّا إلا ما يجب أن يسقط،
ويُبقي فينا ما يستحق البقاء؛
شرفًا… صدقًا… وضياءً لا يخبو.
وسيبقى الطريقُ لمن أضاءت خطاهُمُ
نُورُ النوايا فاستقام اليقين،
ويعلمُ العالمُ أن جُهودَكم
جِسرُ الرجاءِ ونبعٌ لا يلين.
فامضوا…
فما خذل الخيرُ يومًا حامليه،
وما ضلّ قلبٌ يمضي لأجل الإنسان،
وما سقطَ من سارَ بنور الصدق…
إلا لينهض أعلى ممّا كان.
