د عبدالله عنان
قصة بكاء، تعرض بيبان حسابي يُعرض في 19 نوفمبر. فاليوم العالمي للرجل والله لم يكن وقتاً للمجاملات الخجولة، بل هو لحظة لتمزيق العقد الاجتماعي الصامت الذي جعل من وجود الرجل قيمة مشروطة، قابلة للإلغاء والتبديل.لقد لُقّن الذكر في اليمن منذ نعومة أظافره دستوراً واحداً: قيمتك ليست في كيانك، بل في نفعك.هذه هي القسوة الحقيقية. الرجولة، كما صاغها المجتمع، ليست حرية، بل عبودية مُذهَّبة لشروط الخدمة. كن قوياً، لكن لا تُعطَ الحق في الانهيار. كن معطِياً، لكن لا تتوقع مقابلاً لحجم تضحياتك. كن سداً، لكن لا تتفاجأ حين يُنسى اسمك بمجرد انتهاء الطوفان.الجدل الصامت: الانتحار كرفض أخيرأين يكمن الجدل الأكثر إيلاماً؟ في تلك الأرقام التي لا تتوقف عن التزايد: معدلات انتحار الرجال التي تتجاوز النساء عالمياً، والتي تُعدّ ثورة صامتة ضد تفكيك القيمة. هو القرار الأخير لروح أُنهكت وهي تبحث عن مكان لها خارج خانة "المُعيل" و"المُحارب". حين تسقط الأدوات من يدهالوظيفة، المال، السلطة المحدودة يسقط الرجل نفسه، لأن المجتمع لم يُدرّبه على معنى لوجوده خارج وظيفته الاقتصادية والجسدية.إننا نمجّد تضحية الرجل على الجبهات والآلات والاجتماعات، لكننا نُجرّمه حين يهمس: "أنا متعب." الرجولة هي الوحدة في ذروة الأداء، والإهمال في قاع الفشل.تحدي الهشاشة الكبرىإن أصعب ما في معاناة الرجل هو التجرؤ على المطالبة بالهشاشة. لا يُسمح للرجل أن يكون ضحية عنف منزلي أو اعتداء جنسي دون أن يُقابل بالسخرية والإنكار. لا يُسمح له أن يناضل من أجل حضانة أبنائه دون أن يُنظر إليه كـ"استثناء". إنه المُتَّهم الأبدي بحكم جنسه، حتى وهو يقف في خندق الضحية.هذا اليوم هو صيحة مدوية في وجه من يرى أن امتيازات الذكورة المزعومة تُبطل آلامها الحقيقية. إنها دعوة للتوقف عن رؤية الرجل كأداة لا تتأثر بالصدأ، بل كروح بشرية تتآكل بفعل الضغوط المستمرة.نحن لا نطلب امتيازات جديدة، بل نطلب حقاً إنسانياً واحداً: أن يتم الاعتراف بقيمتنا حتى عندما لا نُنتِج شيئاً. أن يُسمح لنا بالانهيار دون أن يُحكم علينا بالعدم.فهل يملك مجتمعنا الشجاعة الكافية لكسر هذا العقد القديم، أم ستبقى الرجولة هي العباءة الحديدية التي تحمي العالم بينما تخنق من يرتديها؟
