الصرخة

 



بقلم سليمة مالكي

تستيقظ من نومك لتغسل وجهك، وتنفض معه أفكار الليل المظلم، وساوسك والمخاوف، هذيان منتصف الليل، تعب وأرق ليلة كاملة... وأنت ترفع رأسك وتنظر إلى مرآة الحمام ترى وجهًا يشع نورًا بابتسامة عريضة ملؤها التفاؤل والأمل، وتبدأ يومك لتعيشه بتفاصيله، تُنْجِزُ أشغالك وتقوم بواجباتك، تُكْمِل ما بدأته، وقد تبدأ بشيء جديد، وتُقابل أشخاصًا قد تتبادل معهم أحاديث جانبية وتبتسم، وتعود إلى بيتك، ترتّب وتطبخ وتنظّف، وتقوم بروتين اعتدته منذ سنوات، وتُكمِل يومًا حافلًا بالأحداث...


حتى تتسلل ظلمة الليل في هدوء ويتفرّق الجميع إلى مخادعهم، وتنفرد بك نفسك أخيرًا، وتصبح فريسة سهلة لأرق ليلة أخرى، ويسقط منك القناع الذي لبسته، قناع الوجه المبتسم المزيف، ويظهر وجهك الحقيقي أمامك، وجه حزين بائس، لتطفو مخاوفك إلى السطح...


تلك اللحظات التي كان يجب أن تصرخ فيها وصَمَت، الكلمات المحبوسة بالداخل، أنفاسك المكتومة، غضب، غصّة، ألم، وجع، خذلان، عقد وهلاوس، جنون...


لتجد نفسك وجهًا لوجه معها، تجمّعت في كيان واحد احتل غرفتك، كيان لا يشبه أحدًا ولا شيئًا، كيان تجمَّع كالظلام الأسود!! بدأ يكبر ويكبر، لتخاف كثيرًا منه .. بدأ يدنو منك، وأحسست بأنفاس حارقة تقترب  منك ببطىء ، وبدأت تشعر بالخوف. كدت تفقد الوعي وهو يقترب إلى أن يصل اليك ويدنو من  أذنك ليهمس لك بكلمة واحدة فقط، كانت كفيلة بأن يهتز كيانك كله وتفقد الوعي.


تصحو وخيوط ضوء الصباح تقتحم غرفتك، وأنت مُلْقى على الأرض بحالة مزرية. تملم شتات نفسك لتقف أمام المرآة في يوم جديد، وتغسل وجهك من ظلام ليلة مرهقة، وآثار التعب والأرق واضحة، لتغسله وتتساقط منه  هواجسك المرعبة، ومخاوفك  ترفعه لترى وجهًا آخر لبس قناعا مبتسمًا متفائلًا... بيوم جديد.


ولكن صدى الصرخة في أذنك كان لا يزال واضحًا جدًّا، يتردد باستمرار كتعويذة أو لعنة لا تنتهي ليهمس لك وتسمعه بوضوح هو يقول لك:

       يا جبان.



نور القمر

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology