سعيد إبراهيم زعلوك
قل لي…
هل تسمع الصمت حين يتكلم؟
وهل تعرف الطريق الذي لا يترك أثرًا؟
هناك حيث تلتقي الريح بقلب ضائع،
فتنبت الأسماء في الظل،
وتشرق النبضات في أعماق لا يعرفها أحد.
نمشي فوق صرير الزمن،
نحمل غبار النجوم في كفوفنا،
وفي صدورنا نهر من أسئلة يعدو بلا توقف،
كل سؤال قلب يلهث،
كل خطوة سرّ يترنّح بين النور والمجهول.
يا صاحبي…
إن لم يكن في العيون سوى الظلال،
فتذكّر أنّ الظل يُعلّمنا البقاء،
وأن الروح حين تهتز،
تعيد ترتيب الكون بصمتها.
قل لي…
كيف تلتقط الريح كلمات لم تُقل بعد؟
وكيف للحزن أن يفتح أبوابًا لم نعرف أنّها موجودة؟
إنها لغة لا تُفهم بالآذان،
بل بالخلاء الذي يفيض فينا،
وبالوحدة التي تحمل كل البشر معًا في نفس اللحظة.
يا رب…
اجعل في قلبينا مرآة لا تنكسر،
تعكس النور حتى في أشد الليالي سوادًا،
واجعل ضحكة صامتة تسافر عبر الزمن،
توقظنا من الغياب إلى الحقيقة التي لم نحلم بها بعد.
وفي كل ممر ضيق،
تتسلل الأشعة الصغيرة،
فتنبت على الجدران أسرار لم نكن نعلم أننا نحملها،
وفي كل زاوية،
ظلال تقرأنا،
وتعرف أننا نسير على حافة شيء أكبر منا،
شيء لا يُسمّى،
شيء يُسمي كل ما نحب.
نحن…
أطفال الريح،
نلهو فوق أنقاض الأيام،
نسترق السكون من بين الأصوات،
ونستعيد كل شيء كأنه لم يُفقد أبدًا.
وفي آخر الممر…
حين تهدأ الخطوات،
ويغفو العالم على شفيره،
سنرى: الطريق لم يكن أمامنا،
ولا وراءنا،
بل داخلنا،
في تلك اللحظة الصغيرة
التي تتوهج فيها الشظايا،
ويصبح كل كسر نافذة إلى ما لم نعرفه.
يا رب…
إن ضاقت بنا الأبواب،
فامنحنا بابًا بلا مفتاح،
يُفتح حين لا ندرك،
ويغلق حين ننسى،
واسكب في صدورنا صمتًا لا ينتهي،
وضوءًا لا يُطفأ،
ونورًا لا يزول،
وحبًا يتجاوز كل الأسئلة،
ويرجع بنا إلى حيث لم نفقد شيئًا،
إلى حيث كل شيء حي،
كل شيء ينبض
حتى في الظلال،
ونعرف أن كل خطوة،
كل شظية،
كل همسة كانت طريقًا إلى نور لم نره من قبل،
نور يهمس لنا بأننا كل شيء،
وأننا أبدًا لم نفقد.
