بقلم بلعربي خالد_ هديل الهضاب
كوميدي الساخرة
المكان: سوق عكاظ وقد تحول إلى "كوفي نت" ضخم، حيث تُعرض القصائد على شاشات من جلد الإبل، وتُباع السيوف عبر إعلانات منبثقة. يجلس أبو جهل وأبو لهب، ثم يدخل حسان بن ثابت والخنساء، ومعهم الأوس والخزرج يحاولون الصلح عبر "غروب واتساب بعاث الكبرى".
أبو جهل (يكتب على لوح الرمل):
مرحباً يا قوم... لقد أنشأت مجموعة جديدة على "فيسبوك دار الندوة" اسمها صلح الأوس والخزرج. الرجاء الانضمام قبل أن ينقطع النت.
أبو لهب (يضحك وهو يربط بعيره بسلك):
هاهاها... وهل تظن أن الأوس والخزرج سيصطلحون عبر "ماسنجر الجاهلية"؟ بالأمس فقط تبادلوا "إيموجي السيوف" في التعليقات!
الخنساء (تدخل وهي تحمل هاتفاً من العاج):
كفاكم عبثاً أيها الرجال... لقد كتبت قصيدة في "تويتر الجاهلية" تدعو للسلام، لكن لم يقرأها أحد، لأن الجميع مشغول بمتابعة ترند "غزوة بعاث لايف ستريم".
حسان بن ثابت (يظهر وهو يضع سماعات من جلد الماعز):
أنا حاولت أن أعمل "بودكاست" عن الصلح، لكن الأوس والخزرج أرسلوا لي تعليقات: "أنت متحيز... أنت عميل للقبيلة الأخرى!"، فاضطررت لإغلاق البث.
أبو سفيان (يدخل متبجحاً):
أيها السادة، الحل بسيط... نفتح "غروب واتساب بدر الكبرى" ونضع فيه شروط الصلح، ومن يرفض نعمل له "بلوك" ونطرده من المجموعة.
سلمى بنت مالك (تضحك بسخرية سوداء):
بلوك؟! وهل تظنون أن الحرب تُحل بزرّ الحذف؟ في الجاهلية، كل خلاف ينتهي بدماء، لا بـ"إشعارات".
أبو جهل (يائساً):
لكننا في زمنٍ صار فيه الشعراء "إنفلونسرز"، والقبائل تتقاتل على عدد "الفولوورز". ألا يمكن أن نصنع سلاماً عبر "اللايكات"؟
الخنساء (بحزن ساخر):
السلام لا يُصنع باللايكات يا أبا جهل... بل بالدموع والقصائد... لكنكم لا تفهمون إلا لغة "الترند".
أبو لهب (يصفق بيديه):
هاهاها... يا لها من مأساة مضحكة... الأوس والخزرج يتقاتلون في الواقع، ويتصالحون في "الماسنجر"، ثم يعودون للقتال في التعليقات... كأننا في مسرحية عبثية لا تنتهي.
حسان بن ثابت (ينهض):
دعونا نعترف... نحن نعيش في زمنٍ صار فيه الجمل "واي فاي"، والبعير "مودم"، والقصيدة "بوست"، والبطولة "ترند"... ومع ذلك، ما زلنا نُقتل كما يُقتل الذباب.
الخنساء (تغلق هاتفها):
إذن فلنترك هذه الأجهزة اللعينة... ولنعود إلى قصائدنا وسيوفنا... على الأقل هناك لا يوجد "إشعارات مزعجة" كل خمس دقائق.
يتابع ..........
