قصيدة لمعرض الكتاب الوطني في جامعة الخليل
بقلم قمر عبدالرحمن
يَا أَيُّهَا الْكِتَابُ…
يَا فَجْرَ الْكَلِمَاتِ الَّذِي يَشْرِقُ فِينَا قَبْلَ أَنْ نَعْرِفَ اسْمَهُ،
الَّذِي يَفْتَحُ الْأَبْوَابَ لِلأَرْوَاحِ الضَّائِعَةِ،
وَيُعْلِمُنَا أَنَّ كُلَّ فِكْرَةٍ كَانَتْ تَنْتَظِرُنَا مُنْذُ الأَزَلِ.
يَا رَفِيقَ مَنْ مَضَوْا… وَأُنِيسَ مَنْ سَيَجِيئُونَ…
وَمِصْبَاحُ الأَحْلَامِ فِي لَيْلِ طَالِبٍ، يَبْحَثُ عَنْ غَدٍ
بَيْنَ ظِلَالِ «رُبَّمَا» وَ«سَوْفَ» وَ«لَعَلَّ».
يَا كِتَابًا…
كَمْ زَرَعْتَ فِينَا وَهْجًا حِينَ جَفَّتِ الأَعْذَارُ،
وَهَمَسْتَ: إِنَّ الطَّرِيقَ يَبْدَأُ مِنْ كَلِمَةٍ،
وَإِنَّ الْعَالَمَ يُعَادُ بِنَاؤُهُ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ.
نَفْتَحُكَ…
فَتَنْفَتِحُ الْمُدُنُ
وَالْأَبْوَابُ
وَالنَّوَافِذُ
وَتَتَسَاقَطُ الْحِيطَانُ
كَأَنَّهَا خَوْفٌ قَدِيمٌ نَسِينَاهُ.
نُقَلِّبُ صَفَحَاتِكَ…
فَإِذَا بِالْحُلْمِ يُشْبِهُنَا، وَبِالْأَسْئِلَةِ تُشْرِقُ فِي الْعُيُونِ،
وَبِالْخَوْفِ يَنْكَمِشُ قَلِيلًا أَمَامَ شَجَاعَةِ الْمَعْرِفَةِ.
يَا أَيُّهَا الْكِتَابُ… يَا مَنْ جِئْتَ الْيَوْمَ
تَجْلِسُ فِي رِحَابِ جَامِعَتِنَا كَمَلِكٍ يَلِيقُ بِالْعَرْشِ،
وَتَشْهَدُ مِيلَادَ آلافِ الأَمَانِي عَلَى مَقَاعِدِ الدَّرْسِ.
هُنَا…
فِي هٰذِهِ الدَّقِيقَةِ الَّتِي تَقِفُ بَيْنَ مَاضٍ وَمُسْتَقْبَلٍ،
نَعْلَمُ وَبِكُلِّ يَقِينٍ...
أَنَّ الْكِتَابَ
لَيْسَ حَرْفًا…
وَلَا وَرَقًا…
بَلْ كَوْنًا صَغِيرًا
نَخْرُجُ مِنْهُ
أَكْبَرَ
وَأَجْمَلَ
وَأَشْجَعَ
مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ.
نَحْنُ أَبْنَاءُ الْحَرْفِ…
وَجَيْشُ الضَّوْءِ…
وَصُنَّاعُ الْوَعْيِ…
فَلْنَرْوِ مَعًا
صَفْحَةً جَدِيدَةً
يَبْدَأُ سَطْرُهَا مِنْ هُنَا… مِنْ جَامِعَتِنَا الأُولَى،
حَيْثُ الْقَلْبُ يَعْرِفُ طَرِيقَهُ، وَالْحَرْفُ يَجِدُ وَطَنَهُ.
