الكاتبة نقاء أحمد طوالبه
كأنَّ شيئًا غامضًا ينهضُ من العدم… بياضٌ يتسرَّب من خاصرة الضباب، يتشكَّل على هيئة بتلاتٍ مرتجفة، كجسدٍ يختبئ في ضوءٍ لم يكتمل. زهرُ اللوز، حين يولد من رطوبة الفجر، لا يُعرِّف نفسه، بل يترك إشاراتٍ مبهمة: أطرافٌ رقيقة كالأصابع، ندى يتصبّب كعرقٍ سرّي، ورعشةٌ بيضاء توحي بأنّ الجمال قد يكون كائنًا حيًّا يتنفّس تحت جلد الطبيعة.
البتلات ليست أوراقًا، بل جلودٌ شفافة تتفتّح كأنّها أذرعُ جسدٍ صغير يتوسّل زرقة السماء. وكلّ قطرة ندى لا تبدو ماءً، بل دمعةً تتدحرج على وجنةٍ بيضاء، أو أثرَ قبلةٍ تركها الغيم في لحظة غياب.
والسماء، حين تنحني بلونها الأزرق، لا تعانق الزهر من بعيد، بل تضمه كما يضم صدرٌ واسع جسدًا هشًّا يتكسَّر من شدّة الطهر. هكذا يصبح المشهد لغزًا حسيًا: جسدٌ يتصبّب من بياض، يتنفس من زرقة، ويتركك متردّدًا بين الرغبة في لمسه والخوف من أن يتفتّت بين يديك…!
ا
